قيام الحجة بظهور السنة

قال رحمه الله تعالى: [وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر].

أيضاً هذا تقرير أصل عظيم من أصول السنة، وهو أنه بظهور السنة قامت الحجة، هذا ملخص هذه الفقرة.

فالنبي صلى الله عليه وسلم أظهر السنة وبقيت بعده ظاهرة إلى قيام الساعة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخبر الصدق: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم ومن عاداهم إلى قيام الساعة) فهذا الظهور تقوم به الحجة.

إذاً: تقوم الحجة بظهور السنة؛ لأن الحق ظاهر بأهله، وهم القدوات، وما دامت القدوة موجودة، ولن تزال موجودة إلى قيام الساعة، ولن تزول القدوة إلا بآخر لحظة من الدنيا، حينما تأتي الريح التي تقبض المؤمنين مع عيسى بن مريم في آخر الزمان، وما ورد من أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه عند قيام الساعة لا يبقى من يقول: الله الله)، فهذا بعد انفراط أشراط الساعة الكبرى، وقتل الدجال، وبعد أن يحكم المهدي في المسلمين حكماً راشداً، فبعد ذلك كله لا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق يتهارشون تهارش الحمر، وهم الذين لا يبقى فيهم من يقول: الله الله.

أما قبل ذلك فلا يظن ظان أن تخلو الأرض من أهل السنة، فضلاً عن عموم أهل الحق، فضلاً عن عموم المسلمين، هذا وعد من الله عز وجل، أقول هذا لأني لاحظت من بعض الذين تناولوا هذه المسألة أنهم أخطئوا في الفهم، وظنوا أنه يمكن أن يأتي زمان قبل ظهور علامات الساعة الكبرى ينعدم فيه الحق أو يزول فيه الحق، ولا يبقى في الأرض من يقول: الله الله، وهذا القول خلاف النصوص، فمقتضى النصوص أنه لا بد أن يبقى الحق ظاهراً إلى أن يأذن الله عز وجل.

قال رحمه الله تعالى: [وذلك أن السنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله، وتبين للناس، فعلى الناس الاتباع].

طبعاً الذي يرتكب ضلالة يظن أنها هدى قد لا يخرج من الملة أو لا يكفر، لكنه لا يعذر مع وجود القدرة؛ لأنه لا يكفي مجرد الظن، والحق يتميز بأهله.

إذاً: قصده هنا ظاناً أن أكثر الذين بدأت البدع عندهم كانوا يظنون أنهم على هدى، وأن منهم من يتعمد، لكن ليس المقصود المتعمد، المقصود أن من يزل ظاناً أنه على هدى، ليس له في ذلك حجة، إنما يختلف حكمه عن حكم المتعمد فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015