الخامس من معاني الجماعة: تطلق الجماعة على أهل الحل والعقد، وهذا كثير خاصة فيما يتعلق بالوُلاية أو الوَلاية، ويتعلق بالسلطان.
فتطلق الجماعة على أهل الحل والعقد، وعلى رأسهم الولاة والعلماء، ثم من كان له أثر في الأمة بحكم مسئوليته وموقعه، فيدخل في ذلك أمراء وقواد الجيوش، ويدخل في ذلك الوزراء ورؤساء العشائر، والزعماء المطاعون في أقوامهم، ويدخل في ذلك أهل الرأي والمشورة الذين لرأيهم أثر في مصالح الأمة، وينتظم بهم معنى الجماعة عند الخطوب وإن لم يكونوا على الاستقامة.
وهذا أمر خالفت فيه جميع الفرق ولم يجتمع عليه إلا أهل السنة والجماعة، فإنهم لما نظروا إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وجدوا أنه أمر بالاجتماع على الأمراء والسلاطين، وعلى أهل الحل والعقد، وعدم الخروج عن الجماعة على هذا المعنى، حتى وإن كان في الأمراء والسلاطين تقصير وأثرة وظلم؛ لأن الاجتماع يتحقق به الخير وتندفع به المفاسد، وبالفرقة يحصل الفساد في الدنيا والدين، وهذا يخالف قواعد الدين وغايات الشرع.
إذاً: أهل الحل والعقد يدخلون في مفهوم الجماعة في كثير من الحالات، وليس في كل الحالات، إذا استغنت الأمة بإمامة راشدة وبالعلماء الراسخين فقد يجتمع فيهم جميع هذه المعاني، أما إذا تخلفت شروط الولاية، أو وجد في الأمة نقص وتقصير، فإنه لا بد أن ترجع الأمة إلى أدنى من يمكن أن يجتمع عليه، فمن اجتمعت عليه الأمة من أهل الحل والعقل فهو داخل في مفهوم الجماعة، ومن خالفهم فهو داخل في الوعيد الوارد في الخروج على الجماعة، وهذا المعنى أكثر المعاني غموضاً عند كثير من الناس، وهي التي يكون فيها الخلاف والنزاع بين أهل السنة ومخالفيهم.