وقال ابن الجوزي: قال القاضي أبو يعلى في قوله تعالى: {منها أربعة حرم} [التوبة: 36] ، إنما سماها حرما؛ لتحريم القتال فيها، ولتعظيم انتهاك المحارم فيها أشدَ من تعظيمه في غيرها، وكذلك تعظيم الطاعات، ثم ذكر ابن الجوزي أحد القولين في قوله تعالى: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة: 36] أي: في الأربعة، وأن أحد الأقوال أن الظلم المعاصي، قال: فتكون فائدة تخصيص بها أن شأن تعظيم المعاصي فيها أشد من تعظيمه في غيرها، وذلك لفضلها على ما سواها، كتخصيص جبريل وميكائيل وقوله: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197] ، وكما أمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى، وقال: وهذا قول الأكثرين، والله أعلم.
الاعتكاف لغة: لزوم الشيء، ومنه: {يعكفون على أصنام لهم} [الأعراف: 137] ، يقال: عكف -بفتح الكاف- يعكف -بضمها وكسرها قراءتان-، وشرعا: لزوم المسجد بصفة مخصوصة (?) ، قال ابن هبيرة: وهذا الاعتكاف لايحل أن يسمى خلوة، ولم يزد على هذا، ولعل الكراهة أولى، ويسمى جوارا؛ لقول عائشة رضي الله عنها عنه عليه السلام: وهو مجاور في المسجد. متفق عليه، وفيهما من حديث أبي سعيد قال: «كنت أجاور هذه العشر يعني: الأوسط، ثم قد بدا لي أجاور هذا العشر الآخر، فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه» .