وذكر شيخنا أن بعض أصحابنا ذكر روايةً ثالثةً: يفطر بسماع الغيبة. وذكر أيضاً وجهاً في الفطر بغيبةٍ، ونميمةٍ، ونحوهما.
فيتوجه منه احتمال: يفطر بكل محرم، ويتوجه احتمال تخريج من بطلان الأذان بكل محرم، وفي «الصحيحين» ، من حديث أبي هريرة: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفُثْ يومئذٍ ولا يَصْخَبْ، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليَقُلْ: إني امرؤ صائم» . واختار ابن حزم: يفطر بكل معصيةٍ، واحتج بأشياء منها: وقال حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عبيدٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأتين صائمتين تغتابان الناس، فقال لهما: «قيآ» . فقاءتا قيحاً ودماً ولحماً عبيطاً، ثُمَّ قال: «إن هاتين صامتا عن الحلال، وأفطرتا على الحرام» . ورواه أحمد في «مسنده» ، عن يزيد، عن سليمان التيمي، حدثني رجل في مجلس أبي عثمان النهدي، عن عبيدٍ، فذكره. وقال وكيع، عن حماد البَكَّاء، عن ثابت البناني، عن أنس: إذا اغتاب الصائم، أفطر. وعن إبراهيم قال: كانوا يقولون: الكذب يفطِّرُ الصائم. وذكر صاحب «المحرر» أن صاحب «الحلية» ذكر عن الأوزاعي: أن من شاتم، فسد صومه؛ لظاهر النهي.
قال الأصحاب: ويسن لمَنْ شُتم أن يقول: إني صائم. قال في «الرعاية» : يقوله مع نفسه، يعني: يزجر نفسه. ولا يطلع الناس عليه؛ للرياء. واختاره صاحب «المحرر» إن كان في غير رمضان، وإلا جهر به؛ للأمن من الرياء، وفيه زجر من يشاتمه بتنبيهه على حرمة الوقت المانعة من ذلك. وذكر شيخنا لنا ثلاثة أوجه: هذين، والثالث - وهو اختياره -: يجهر به مطلقاً؛ لأن القول المطلق باللسان، والله سبحانه أعلم (?) .