{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} [(54) سورة الرحمن] ثمرهما {دَانٍ} يعني "قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع" يعني: جنى جنان الدنيا وبساتين الدنيا بعيد، يعني إن كان قريب من شيء صار بعيد عن شيء آخر، وإذا قرب من شجرة بعدت عنه الأخرى، وإذا كان يناله وهو قائم لا يناله وهو جالس، وإذا كان يناله وهو جالس لا يناله وهو مضطجع، وهنا: جنى الجنتين "دان: قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع" فلا كلف ولا عناء ولا مشقة، {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [(55) سورة الرحمن] والآلاء والنعم بعد هذه الآيات ظاهرة.
{فِيهِنَّ} [(56) سورة الرحمن] يعني: "في الجنتين وما اشتملتا عليه من العلالي والقصور" مثل هذا يحتاج إليه لأنه قال: {فِيهِنَّ} ما قال: فيهما تثنية؛ لأن هاتين الجنتين وإن كانتا اثنتين إلا أن في كل واحدة منهما ما يستحق الجمع، فهي معادلة بل أعظم من جنان الدنيا كلها الواحدة منها، ولذلك قال: {فِيهِنَّ} في الجنتين، أما على قول من يقول: إن أقل الجمع الاثنين هذا ما عنده إشكال في مثل هذا، لكن الذي يقول: إن أقل الجمع ثلاثة يقول: كيف قال: {فِيهِنَّ} وهما جنتان؟ قال المفسر: {فِيهِنَّ} "في الجنتين وما اشتملتا عليه من العلالي والقصور".
{قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [(56) سورة الرحمن] "العين" {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} "العين على أزوجهن المتكئين من الإنس والجن" قاصرات الطرف، قصرت طرفها على زوجها، فهي لا ترى أن في الجنة من هو أحسن منه وأجمل وأكمل، قاصرات الطرف فيكون من باب إضافة .. ، من باب الإضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول؟ إلى الفاعل، وعلى القول بأن قاصرات الطرف أنهن يقصرن أطراف أزواجهن فلا يلتفتوا إلى غيرهن فيكون من باب الإضافة إلى المفعول {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [(56) سورة الرحمن] يعني: "العين على أزوجهن المتكئين من الإنس والجن" سيأتي الفرق بين قاصرات ومقصورات، من الإنس والجن.