قال: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [(12) سورة القمر] تنبع يعني جاءهم الماء من السماء ومن الأرض، {فجرنا الأرض عيوناً}، عيوناً تمييز محول عن الفاعل أو المفعول؟ المفعول، الأصل وفجرنا عيون الأرض قالوا: وهو أبلغ من أصله، أبلغ من فجرنا عيون الأرض؛ لأنه بالتمييز صارت كأن الأرض كلها عيون، {فجرنا الأرض} يعني كلها عيون صارت، لكن لو جاء بالأصل فجرنا عيون الأرض، الأرض باقية يابسة تراب، تبقى عيونها هي التي تفرجت، والعدول من المفعول إلى التمييز، والتحويل من الأسلوب الأصلي إلى الفرعي أبلغ، {فجرنا الأرض عيوناً} "تنبع" يعني من كل مكان، {فالتقى الماء} "ماء السماء والأرض"، {التقى الماء} الماء يصدق على الكثير والقليل، وعلى الواحد وعلى المتعدد، ويجمع نظر لتعدد أنواعه كما قالوا: في كتب العلم باب: "المياه" وإلا يكفي أن يقال: باب الماء، والماء ينصرف إلى قليله وكثيره، باقيه ومتغيره كله ماء، وهنا قال: {فالتقى الماء} "ماء السماء والأرض" وقرئ: {فالتقى الماءاني} ماء السماء وماء الأرض وقرئ: {الماواني}، و {الماياني} لكن الثلاث القرأت قرآت شاذة، {التقى الماء} النازل من السماء بقوة، المنصب من السماء، والنابع من الأرض بقوة {على أمر} يعني على "حال"، {قد قدر} "قضي به في الأزل وهو هلاكهم غرقاً" {قد قدر} قضي به في الأزل يعني القضاء المحتوم، القضاء والقدر هذا أمر مقدر عليهم أنهم يهلكون غرقاً، وهو هلاكهم غرقاً؛ لأن {قدر} تأتي لمعاني، تأتي من التقدير يعني من القضاء والقدر المكتوب عليهم، وتأتي بمعنى التضييق {قدر عليه رزقه} يعني ضيق عليه، ويمكن أن تحمل الآية على هذا المعنى، بحملها على أن الأرض ضاقت بهم، ما دام امتلأت الأرض ماء، النابع والنازل فسوف يضيق عليهم المكان لا محالة، بخلاف ما يحصل، قد يحصل فيضان في بلد لكن ينتقل منه إلى بلد أخر -والأرض واسعة-، لكن بالنسبة للطوفان لا، عم الأرض وبلغ ذرا الجبال.