{فَاسْتَوَى} [(6) سورة النجم] جبريل يعني: "استقر"، {وَهُوَ} [(7) سورة النجم] يعني: جبريل {بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} "أفق الشمس" أي عند مطلعها على صورته التي خلق عليها، ستمائة جناح، سد الأفق بين المشرق والمغرب، التي خلق عليها فرآه النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: إنه لم يره أحد على هذه الصورة إلا النبي -عليه الصلاة والسلام- رآه مرتين كما سيأتي، هذه التي طلبها قال: "فرآه النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان بحراء قد سد الأفق إلى المغرب فخر مغشياً عليه"، يعني أمر مهول، أمر عظيم، مغشي عليه، يعني أمر لا يمكن أن يثبت له مخلوق خلق بقدرته العادية، يعني الواحد من الناس لو يقابله فرس له ثلاثة رؤوس يمكن يغمى عليه، بعض الناس يمكن يغمى عليه، نعم لو يقابله وحش يمكن يغمى عليه، لو يقابله أدنى ما يقابله التركيب البشري ضعيف في الجملة، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رأى هذا الخلق العظيم يقول: "فخر مغشياً عليه"، ولعل هذا من تعظيم الخالق لا من تعظيم المخلوق، استحضار عظمة المخلوق إنما هي استحضار لعظمة الخالق، وهذا هو اللائق به -عليه الصلاة والسلام-، إن صح الخبر أنه خر مغشياً عليه، وإلا فالقرآن ينزل عليه وهو ثقيل، {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [(5) سورة المزمل] ومع ذلك يثبت له -عليه الصلاة والسلام-، مع أنه أعظم من يستشعر عظمة القرآن، يعني ثقل الوارد مع قوة المورود فيه تكافؤ لكن بعد ذلك .. ، يعني الصحابة على طريقته -عليه الصلاة والسلام- ما حصل لهم شيء لما سمعوا القرآن، جاء الجيل الذي بعدهم واستشعروا قوة الوارد من التابعين -رحمهم الله-، استشعروا قوة الوارد مع ضعف المورود، يعني النفوس بدأت تضعف، فصار يسمع أن فلاناً أغمي عليه، وفلان غشي عليه، وفلان صعق، وفلان مات، بعض الناس ينكر، يقول: لو كان هذا شيء فيه خير لكان أسبق الناس إليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما حصل له شيء من ذلك، يعني فيه تكافؤ بين قلبه -عليه الصلاة والسلام- وما فيه، وما ركب فيه من قوة مع قوة الوارد، فلا يحصل أيضاً صحابته فيهم هذه القوة، لكن من دونهم من يستشعر قوة الوارد {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ