ولا يؤمنون، متراكم نروى به ولا يؤمنون"؛ لأن من كتب الله عليه الشقاوة لا يؤمن، ومن كتب عليه الضلال لا يهتدي، ومن مسخ قلبه لا يرعوي، يعني ذكر ابن القيم -رحمه الله- في "إغاثة اللهفان" في آخر الزمان يمضي الاثنان إلى المعصية فيمسخ أحدهم خنزيراً، فماذا عن الثاني، هل يقول: الحمد على السلامة، ويتوب، وينيب إلى الله -جل وعلا- ويرجع إليه-؟ يمضي في معصيته، نسأل الله العافية والسلامة، يا إخوان، مسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان، كثير من الناس يقول: إنه يفعل المعاصي، وفلان يفعل المعاصي ولا عوقب، قد يكون معاقب بأعظم العقوبات في قلبه {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ} [(126) سورة التوبة]، الإنسان يفتن ويعاقب في قلبه، فتجد الإنسان قلبه ممسوخ وظاهره الاستقامة وهو لا يدري، وما كثير من التصرفات التي ترى من بعض المسلمين، إلا لأنهم مسخت قلوبهم، تجد بعض الناس يفعل شيئاً لو كان في عقله ورشده ما فعلها، ومع ذلك هو معاقب في قلبه وهو لا يشعر، والعقوبة في القلب أعظم وأشد من عقوبة البدن.
{فَذَرْهُمْ} [(45) سورة الطور] أتركهم {حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} يموتون"، حتى يأتي اليوم الموعود الذي يطلعون فيه على حقائق الأمور، ثم يطلبون الرجعى والعتبى، ومع ذلك لات ساعات مندم إذا ندموا لا يمكن أن يرجعوا، ومع ذلك لو مكنوا من الرجوع لعادوا {وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} [(28) سورة الأنعام].
{يَوْمَ لَا يُغْنِي} [(46) سورة الطور] يقول: "بدل من يومهم" {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ}، {يَوْمَ لَا يُغْنِي} فهي بدل من يومهم".
{عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ}، {كَيْدُهُمْ} الذي كادوه لك لا يغني عنهم، يعني اجتمعوا، تقوا بعضهم ببعض وأرادوا أن يكيدوك ليهليكوك، هذا كيدهم لا ينفعهم ولا يغني عنهم شيئاً.