هنا قال: "جمع حبيكة كطريقة وطرق" كطريقة وطرق، لو انتهينا على هذا لقلنا: من حيث الوزن، لكنه قال: "أي صاحبة الطرق في الخلقة" صاحبة الطرق، فالحبك هي الطرق وزناً ومعنى "كالطريق في الرمل" على هذا تكون السماء فيها طرق، وفيها أيضاً مسارات وهي أيضاً طرائق، لكن هذه الطرائق مضبوطة متقنة محبوكة؛ لأن الحبك يدل على الإتقان والحسن وبديع الصنع، يعني كما يقال: ثوب محبوك، يعني متقن في صناعته، ولعل أخذ حبك الكتاب من هذا، يعني تجليد الكتاب يسمونه حبك، يعني إتقان وضبط لهذا الكتاب بعد أن تكون أوراقه متناثرة يضم بعضها إلى بعض فتجلد وتحبك، والحبك ما زال دارج ومعروف، ولعله من هذا، ويعنى بذلك ويقصد بذلك الضبط والإتقان والحسن، أيضاً التجليد فيه جمال للكتاب، يعطي الكتاب جمال وبهاء ورونق غير ما لو كان أوراق متناثرة، نعم قد يوجد بعض المجلدين الذين لا ذوق لهم يضبطونه من حيث القوة والمتانة لكن الجمال ما فيه، هذا موجود، لكن العبرة بمن يحبك ويجلد على الأصول، فتجد الكتاب متقن مضبوط، فيه بهاء وفيه جمال وفيه رونق، يشد القارئ، يشد المقتني، يشد المشتري، وهنا {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ} [(7) سورة الذاريات] يعني المتقنة التي فيها من الإتقان والضبط وبديع الصنع ما يرجع بعده الطرف حسير، الطرف الذي يبحث عن العيوب، يبحث عن الفتوق، يبحث عن الشقوق يرتد حسير، ما يجد فيها شيء مما يعاب، فهي من أعظم الأدلة على عظم الخالق -جل وعلا-، من أعظم الأدلة على عظم الخالق، ورفعت هذه السماء بغير عمد ترونها، بغير عمد ترونها، وهذا من أعظم الأدلة على عظمة الخالق، يعني السماء جرم عظيم عظيم لا يقدر قدره، لا يمكن أن تحد مساحته، ومع ذلك بغير عمد ترونها، والخلاف في العمد هل هي موجودة أو بدون عمد أصلاً؟ يعني هل هناك عمد لكنها لا ترى أو ليس هناك عمد أصلاً؟ يعني ركبت على هواء، وفي كلا الاحتمالين ما يدل على عظمة الخالق، يعني كون هذا الجرم العظيم على غير عمد، الإنسان إذا أراد أن يبني عشرة في عشرة ثم سقفه لا بد أن يكون له عمد؛ لأن الجسور ما تتحمل هذه السعة عشرة في عشرة، اللهم إلا إذا احتيط في الجسور وضوعفت، ضوعفت هذه الجسور نعم تتحمل عشرة في