{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(29) سورة ق] وما أنا بظلام للعبيد: "فأعذبهم بغير جرم" وظلام: "بمعنى: ذي ظلم، لقوله: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [(17) سورة غافر] " لماذا احتجنا أن نقول: بظلام ذي ظلم يعني: ظالم؟ لماذا؟ لأنه أيهما أبلغ ظلام وإلا ظالم؟ ظلام: صيغة مبالغة وظالم؟ نعم؟ اسم فاعل، ليس فيها شيء من المبالغة لو وقع الظلم مرة واحدة قلنا: ظالم، لكن من تكرر منه الظلم قلنا: ظلام، وهنا أيهما أبلغ أن يؤتى بصيغة المبالغة أو باسم الفاعل؟ لأنه قال: "بظلام: بمعنى: ذي ظلم" يعني ظالم، يعني ظلام صيغة مبالغة صيغة المبالغة في حال النفي لا تفيد إفادة غير المبالغة، إذا قيل: فلان يسفك الدماء مثلاً، ثم قال: والله ما أنا بسفاك للدماء هل نفى عن نفسه التهمة كاملة وإلا نفى المبالغة في هذه التهمة؟ إذا قال: والله ما أنا بسفاك ولا سفاح، ما نفى عن نفسه التهمة من أصلها -انتبهوا يا الإخوان- إذا قال: والله ما أنا بسفاك هل ينفي أن يكون قتل واحد أو اثنين أو ثلاثة؟ هو ينفي صيغة المبالغة أن يكون قتل عشرات أو مئات أو ألوف ليس بسفاك، لكن لا ينفي أن يكون سافك للدماء، قاتل ولو مرة أو مرتين؛ لأن نفي المبالغة لا ينفي ما دونها، يعني من ضرب شخص هل يستحق أن يقال: ضراب للرجال؟ هل يستحق ذلك؟ ضرب مرة واحدة يستحق مبالغة؟ لا، لكن لو قيل له: أنت ضربت فلاناً، قال: والله ما أنا بضراب للرجال، هل ينفي أن يكون ضرب مرة واحدة إذا نفى المبالغة؟ ما ينفي، ولذلك اضطر أن يجعل ظلام بمعنى ذي ظلم لينتفي الظلم كله عن الله -جل وعلا-، "لقوله: {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [(17) سورة غافر] " لا ظلم نافية للجنس، لجنس الظلم، الظلم كله منفي، فعندنا ظلام، ولا يظلم، ولا يريد ظلماً للعالمين، ليس بظلام، ولا يظلم ربك أحداً، ولا يريد الظلم، أبلغها إيش؟ لا يريد؛ لأن نفي إرادة الشيء أبلغ من نفي الشيء، يليها ما جاء بدون مبالغة ثم آخرها المبالغة، وتؤول المبالغة بمجرد حصول الظلم، كما قال المؤلف، لا ظلم اليوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015