وبينهما بين الرجلين من المناقضات العجيبة ما يثير الدهشة، السيوطي معروف بالحفظ، ويذكر عن نفسه أنه حفظ مائتي ألف حديث، ولو وجد غير هذه العدة لحفظه، معروف بالحفظ، وكثرة التصانيف، والمحلي على العكس، الحافظة عنده ضعيفة جداً، حتى أنه حاول جاهداً أن يحفظ ورقة من التنبيه، التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي من كتب الشافعية المعتمدة عندهم، يقول: فارتفعت حرارته وظهر فيه من أثرها بثور وحبوب، عجز يحفظ هذه الورقة، والآخر يحفظ مائتي ألف حديث، وهذا يجعل طالب العلم لا ييأس؛ لأن بعض طلاب العلم يكون عنده ضعف في الحافظة، وقد يكون الضعف شديداً، ثم يقول: ما دام ما أحفظ شيء ليش أتعب نفسي؟ قد تنال الإمامة وأنت حافظتك ضعيفة، نعم العلم الشرعي علم الوحيين مبني على الحفظ، لكن لا تيأس، اسلك الطريق ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) وذكرنا في مناسبات كثيرة كيفية التحصيل لضعيف الحافظة، بعض الناس يقول: أنا أقرأ تفسير ابن كثير مرتين وثلاث لو تسألني عن شيء ما أجبتك، نقول: أنت عندك ضعف في الحافظة، وقد يكون فهمك قوياً، وهذا كثير أن من عندهم ضعف في الحافظة تجد الله -جل وعلا- يعوضه بالفهم، وهكذا كان الجلال المحلي، قالوا: إن فهمه يثقب الفلواذ، قوي الفهم، نقول: طالب العلم هذا الذي عنده ضعف في الحافظة له ما يعينه على تثبيت العلم، تقول: عجزت أن أستوعب تفسير ابن كثير نقول: خذ القلم والورق واختصر تفسير ابن كثير، إذا انتهيت من الاختصار يكون عندك من الإحاطة والعلم بتفسير ابن كثير ما لا يدركه كثير من الحفاظ؛ لأن العلم بالمعاناة يثبت، وهذه طريقة مجربة، اختصار الكتب من أنفع وسائل التحصيل، ولا يعني هذا أنك تختصر هذا الكتاب لتنشره تبيعه على الناس، لا، أول من يستفيد منه أنت، ثم بعد ذلك إذا رأيت أن الناس بحاجة إليه لا مانع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015