وكذلك الفلاسفة: يسمون الله العلة الأولى؛ يعني التي صدر عنها العالم صدورًا ذاتيًا لا صدور المفعول عن فاعله؛ بل صدور المعلول عن علته التامة , ومن أجل ذلك قالوا بقدم العالم , لأن معلول العلة التامة يكون قديما بقدمها.
والنوع الخامس من أنواع الإلحاد في أسمائه: أن يسمى بها بعض المخلوقات , أو يشتق لبعض المخلوقات منها على الوجه المختص بالله.
واللفتة الأخيرة في كلام الشيخ جيدة وهي قوله: (فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله - عز وجل - ميل بها عما يجب فيها) وإلا فقد جاء لفظ الاشتقاق في قول حسان (?):
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
ففيه التقاء في مطلق المعنى , وهكذا ما جاء في الحديث في شأن الرحم أن الله اشتق لها من اسمه الرحمن؛ فهو الرحمن وهي الرحم (?) , ومن هذا النوع ما قيل: إن المشركين اشتقوا لآلهتهم أسماء من أسماء الله كالعزى من العزيز , العزة المقتضية للإلهية والعبادة.
فتشعبت وتنوعت طرائق الملحدين في أسماء الله , والله تعالى يقول: " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا اللذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " [الأعراف 180]، وفي هذا تهديد للملحدين.
والتحريف يكون كفرًا، ويكون فسقًا ومعصيةً، ويكون خطًأ؛ فقد يقع بعض الناس في شيء من الإلحاد خطأ، وقد يكون ناتجًا عن شبهة , وإلا فالأصل أَنَّ جحدَ شيءٍ مما أخبر الله به ورسوله كفر.