الشرعية، فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله، ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم، ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه، مثل مَنْ قالَ: إِنَّ الخمرَ أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام، أو لنشوئه في بادية بعيدة، أو سمع كلامًا أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن الكريم ولا أنه من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما كان بعض السلف يُنكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالها - إلى أن قال - فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة كما قال الله - تعالى -: " لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ " [النساء: 165] وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان. اهـ كلامه.
وبهذا عُلِمَ أن المقالة أو الفعلة قد تكون كفرًا أو فسقًا، ولا يلزم من ذلك أن يكون القائم بها كافرًا أو فاسقًا؛ إما لانتفاء شرط التكفير أو التفسيق أو وجود مانع شرعي يمنع منه، لكن من انتسب إلى غير الإسلام أعطي أحكام الكفار في الدنيا، ومن تبين له الحق فَأَصَرَّ على مخالفته تبعًا لاعتقادٍ كان يعتقده، أو متبوع كان يعظمه، أو دنيًا كان يؤثرها؛ فإنه يستحق ما تقتضيه تلك المخالفة من كفر أو فسوق. فعلى المؤمن أَنْ يبني معتقده وعمله على كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيجعلهما إمامًا له يستضيء بنورهما، ويسير على منهاجهما؛ فإن ذلك هو الصراط المستقيم الذي أمر الله تعالى به في قوله: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام: 153].
وليحذر ما يسلكه بعض الناس من كونه يبني معتقده أو عمله على مذهب معين، فإذا رأى نصوص الكتاب والسنة على خلافه