فنشئوا عليه وصاروا يدللون عليه ويقررونه ويرون أنه هو الحق، فهم مجتهدون مخطئون.
يقول الشيخ هل تكفرون المتأولين؟
الحقيقة أن هذا السؤال (هل تكفرون؟) يعني: هل تحكمون بحسب علمكم بكفرهم؟ فقول القائل: ليس التكفير إلينا ليس هذا محل السؤال , يعني مثل قول هل تحرمون؟ أي: هل تقولون بتحريم كذا بحسب ما علمتموه من الكتاب والسنة , أو تقولون بِحِلِّهِ. ومثله: هل تقولون بكفر من قال كذا وكذا؟ فالسؤال عن حكم الكفر بحسب ما تعلمونه , وليس السؤال عن تكفيركم له بمجرد رأيكم؟
فيقال: المتأول تختلف حاله فقد تكون المقالة كفرية , أي أنها في ذاتها كفر؛ لكن هو لا يكون كافرًا , إما لانتفاء شرط أو لوجود مانع.
وذكر الشيخ بعض الموانع كالجهل والتأويل , والتأويل حقيقةً أنه يظن أن هذا هو المعنى , وأنَّ هذا هو موجَب الأدلة بحسب نظره , فهذا متأول , والتأويل من قبيل الخطأ في الفهم , فيرجع المتأول في الحقيقة إلى الجهل أيضًا؛ فالجهل: إما جهل بأصل الدليل، أو جهل بمعنى الدليل؛ وهكذا المُفَوِّض من جنس المتأول، لأن المفوض في باب الصفات والمؤول مذهبهما واحد , إلا أن هذا يفسر النصوص بما بدا له باجتهاد منه , وقد يكون اجتهاده قاصرًا وناقصًا , والمفوض رأى الإعراض عن البحث عن معاني تلك النصوص لمَّا اعتقد أَنَّ ظاهرها غير مراد؛ والله أعلم.
وهل التفسيق يأخذ التفصيل نفسه , كما في التأويل؟
يحتمل ذلك؛ فإذا قُدِّرَ أَنَّ شخصًا فعلَ معصيةً وصار فيه احتمال أنه لا يَعرف الحكم , يصير معذورًا ولا يصير بها فاسقًا , لأنه فَعَلَ هذا