وكلام الشيخ واضح بَيِّن , فإذا صُوِّرَ الشيءُ على حقيقَتِهِ اتضحَ فسادُهُ , ولهذا يقال: إن هذا المعنى تصوره كافٍ في بطلانه , لا يحتاج إلى أن تدلل على بطلانه.
أما كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن أبي الحسن فكأنه يختلف من مسألة إلى أخرى , فكثيرًا من الأحيان يضيف إليه بإطلاق قولَهُ في الإيمانِ هو التصديق , ويقول: إنه بقيت معه بعض أصول المعتزلة , وعندما يذكر بعض هذه الأمور لا يقول: وذلك قبل أن يكون كذا وكذا؛ بل يضيف إليه بعض هذه الأمور , مثل: نفي قيام الأفعال الاختيارية به - تعالى -، ومع هذا يُثْبِتُ - مثلًا - الاستواءَ على العرش , لكن يقول: إنه ليس فعلًا قام بالرب؛ بل حقيقته فعل فعله بالعرش لا أنه فِعْلٌ قامَ به , فهو ليس كالمعتزلة (¬1) , أما أتباع الأشعري المتأخرين فينفون حقيقة الاستواء , ويقولون: حالٌّ في كل مكان، أو يقول بعضهم: إنه لا داخل العالم ولا خارجه فهذا ليس من مذهب أبي الحسن - رحمه الله -؛ وانتماء العالم للسنة وتعظيمه لها لا يلزم منه أن يكون موافقًا لأهل السنة والجماعة في كل المسائل؛ بل قد يكون عنده أشياء، ولكن يصير الحكمُ عليه في الجملة , والله أعلم.