ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فَسَّرَهُ به المتكلم به، فقوله تعالى في الحديث القدسي: " مرضت " " واستطعمتك " " واستسقيتك " بَيَّنَهُ الله - تعالى - بنفسه حيث قال: " أما علمت أن عبدي فلانًا مرض " " وأنه استطعمك عبدي فلان " " واستسقاك عبدي فلان " وهذا صريح في أن المراد به: مَرَضُ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به وهو أعلم بمراده، فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه والاستسقاء المضاف إليه، بمرض العبد واستطعامه واستسقائه = لم يكن في ذلك صرفٌ للكلام عن ظاهره؛ لأن ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداءً، وإنما أضاف الله ذلك إلى نفسه أولًا للترغيب والحث؛ كقوله تعالى: " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ " [البقرة: 245].

وهذا الحديث من أكبر الحجج الدامغة لأهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله - تعالى - ولا من سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يحرفونها بِشُبَهٍ باطلةٍ هم فيها متناقضون مضطربون. إذ لو كان المراد خلاف ظاهرها - كما يقولون - لبيَّنَه الله - تعالى - ورسوله، ولو كان ظاهرها ممتنعًا على الله - كما زعموا - لبينه الله ورسوله كما في هذا الحديث. ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعًا على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله - تعالى - بما يمتنع عليه ما لا يُحصى إلا بكلفة، وهذا من أكبر المحال.

وَلْنَكْتَفِ بهذا القدر من الأمثلة لتكون نبراسًا لغيرها، وإلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015