آدم بقدرته كما خلق الأنعام بقدرته , فجعل آية (ص) كآية (ياسين).
وقد فنَّد شيخ الإسلام - رحمه الله - هذا القول ببيان الفرق بين الآيتين في الأسلوب , فقال: إنه في آية (ياسين) أضاف الفعل إلى الأيدي، وقال: " مما عملت أيدينا " [يس: 71] , كما قال في الآية الأخرى: " فبما كسبت أيديكم " [الشورى: 30]؛ وأما في آية (ص) فأضاف الفعل إلى نفسه وعداه إلى اليد بالباء فقال: " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " [ص: 75].
وأيضًا؛ فإنه ذكر الأيدي في آية (ياسين) بلفظ الجمع، وفي آية (ص) بلفظ التثنية؛ وأيضًا فإنه ذكر نفسه هو - سبحانه وتعالى - بصيغة الجمع في آية (ياسين) , وذكر نفسه في آية (ص) بلفظ المفرد , ثم نظَّر لهذه الآيات، فقال: إن آية (ياسين) من حيث إسناد الفعل إلى الأيدي كآية الشورى " فبما كسبت أيديكم " [الشورى: 30] , وآية ياسين من حيث ذكر المثنى بصيغة الجمع كقوله: " تجري بأعيننا " [القمر: 14] فذكر المثنى بصيغة الجمع , وقوله تعالى: " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " [ص: 75] نظير لقوله: " بل يداه مبسوطتان " [المائدة: 64] من حيث ذكر اليدين بلفظ التثنية , فبان من ذلك بطلان من يجعل آية (ص) كآية (ياسين)؛ بل بينهما فروق.
إذن؛ فآية (ياسين) لا تدل على حصول الخلق باليدين , فلا تدل على أن الله خلق الأنعام بيديه بينما آية (ص) تدل على أن الله خلق آدم بيديه , والقول بأن آية (ياسين) تدل على خلق الأنعام باليدين يؤدي إلى أن آدم ليس له فضيلة وليس له خصوصية , وكذلك إذا قيل: إن آية (ص) كآية (ياسين) لا تدل على الخلق باليدين، فإن ذلك يقتضي نفي اختصاص آدم بهذا الشرف وهذه الفضيلة.
والحاصل: أنه يفرق في اللغة العربية بين إسناد الفعل إلى الأيدي وإسناد الفعل إلى الفاعل وتعديته إلى اليد أو اليدين بالباء , ففرق بين قول