المثال الثاني عشر: قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن الله - تعالى - أنه قال: " من تقرب مني شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت من باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " (?).

وهذا الحديث صحيح؛ رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وروى نحوه من حديث أبي هريرة - أيضًا -، وكذلك روى البخاري نحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في كتاب التوحيد الباب الخامس عشر.

وهذا الحديث كغيره من النصوص الدالة على قيام الأفعال الاختيارية بالله - تعالى -، وأنه - سبحانه - فَعَّالٌ لما يريد كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ " [البقرة: 186]، وقوله: " وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً " [الفجر: 22]، وقوله: " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَاتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَاتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَاتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ " [الأنعام: 158]، وقوله: " الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى " [طه:5]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر " (?)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ما تصدق أحد بصدقة من طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - إلا أخذها الرحمن بيمينه " (?) إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على قيام الأفعال الاختيارية به تعالى.

فقوله في هذا الحديث: " تقربت منه " " وأتيته هرولة " من هذا الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015