والمعتزلة ومن وافقهم فظاهر نصوص الصفات عندهم وَصْفُهُ - تعالى - بما دلت عليه، وهذا عندهم تجسيم وتشبيه وتركيب، فظاهرها عندهم باطل لا يجوز اعتقاده، لأنه غير مرادٍ لله - تعالى - ولا لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم منهم مَنْ لا يفسر هذه النصوص؛ بل يمرها ألفاظ من غير فهمٍ لمعناها؛ بل يقول: إنه لا معنى لها، أو لا يعلم معناها إلا الله، وهذه طريقة أهل التفويض من المعطلة.

ومنهم من يفسر هذه النصوص بخلاف ظاهرها للشُّبَهِ التي بنوا عليها نفيهم للصفات، فقالوا: يجب صرف هذه النصوص عن ظاهرها، لأنَّ ظاهرها كفرٌ وباطل، ويسمون صرف النصوص عن ظاهرها تأويلًا، ولذلك سُمُّوا أهل التأويل؛ والحق: أنه تحريف للكلم عن مواضعه.

وأما الطائفة الثالثة: وهم المشبهة فيقولون: إنَّ ظاهر نصوص الصفات، وصفه - تعالى - بصفاتٍ مثل صفاتنا، ويجب اعتقاد هذا المعنى، فيقول أحدهم: لله سمعٌ كسمعي، وبصرٌ كبصري، ويدٌ كيدي، وعلمٌ كعلمي، وقدرةٌ كقدرتي، ونحو ذلك.

فظاهر النصوص عندهم هو التشبيه وهو مراد، وظاهرها عند المعطلة التشبيه وليس بمراد؛ بناءً على اعتقادهم أنَّ إثبات الصفات لله تشبيه.

فمذهب أهل السنة حق محض، وهم وسط بين أهل التعطيل وأهل التمثيل؛ وأما مذهب المشبهة والمعطلة، فكل منهما فيه حق وباطل؛ فإثبات المشبهة للصفات حقٌ وتشبيه صفاته - تعالى - بصفات خلقه باطل؛ فلزم من قولهم تعطيل الرب من صفاته اللائقة به.

ونفي المعطلة التشبيه عن الله حقٌ ونفيهم للصفات باطل، وهو مستلزم لتشبيهٍ أقبح، فنفروا من تشبيهه - تعالى - بالموجودات فشبهوه بالمعدومات والناقصات والممتنعات؛ فكلٌ من المعطلة والمشبهة جمعوا بين التشبيه والتعطيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015