ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات، أو تعدى إلى الأسماء - أيضًا -.
ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض؛ كالأشعرية والماتريدية: أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.
فنقول لهم: نَفْيُكُم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي.
مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.
أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.
أما السمع:
فمنه قوله تعالى: " وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ " [البقرة: 253].
وأما العقل:
فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة.
ونفوا الرحمة؛ لأنها تستلزم لِيْنَ الراحمِ وَرِقَّته للمرحوم، وهذا محال في حَقِّ الله - تعالى -.
وَأَوَّلُوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل أو إرادة الفعل ففسروا الرحيم بالمنعم أو مريد الإنعام.
فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله - تعالى - بالأدلة السمعية، وأدلة ثبوتها أكثر عددًا وتنوعًا من أدلة الإرادة.
فقد وردت بالاسم مثل: " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " [الفاتحة: 3].