الأول: مشهد من دفاعه عن الكتاب والسنة:
قال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ فقال لي أبو إسحاق فقلت له: ما تقول في العلم؟ فسكت، فقلت لعبد الرحمن القزاز: (القرآن) من علم الله، ومن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر بالله، قال: فسكت عبد الرحمن، فلم يردّ عليّ شيئا، فقالوا بينهم: يا أمير المؤمنين، أكفرنا وأكفرك، فلم يلتفت إليهم.
قال أبو عبد الله: فقال لي عبد الرحمن: كان الله ولا قرآن، قلت له: فكان الله ولا علم؟ فأمسك، ولو زعم أن الله كان ولا علم لكفر بالله، ثم قال أبو عبد الله: لم يزل الله علما متكلما، نعبد الله لصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه, ونرد القرآن إلى عالمه يبارك وتعالى، إلى الله فهو أعلم به، منه بدأ وإليه يعود.
قال أبو عبد الله: وجعلوا يتكلمون من هاهنا ومن هاهنا، فأقول: يا أمير المؤمنين، ما أعطوني شيئا من كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقول به، قال: فقال ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسوله؟ فقلت: وهل يقوم الإسلام إلا بالكتاب والسنة؟ ثم قلت له: تأولت تأويلا تدعوا الناس إليه، فأنت أعلم وما تأولت، وتحبس عليه وتقتل عليه، فقال ابن أبي دؤاد: هو والله يا أمير المؤمنين ضال مضل مبتدع، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسلهم، فقال لهم: ما تقولون؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، هو ضال مضل مبتدع، فلم يزالوا يكلموني، وجعل صوتي يعلو على أصواتهم إلى أن قال لي عبد