ولاة الوجه القبلي عن آخرهم وسائر العربان بمساعدته ومعاضدته، والركوب للغزو معه متى أراد. وكتب له منشور بما يفتح من البلاد، وتقليد بإمرة العربان القبلية مما يلي قوص إلى حيث تصل غايته، وتركز رايته.
ورسم المكاتبة إليه: (السامي الأمير) كمن تقدم.
وأما عرب برقة فلم يبق فيهم من إلا جعفر بن عمر، وكان لا يزال بين طاعة وعصيان، ومخاشنة وليان، وكانت أمراء عرب البحيرة تغري به، وتغير خاطر السلطان عليه، والجيوش في كل وقت تنهد إليه، وقل أن ظفرت منه بطائل أو رجعت بمغنم، وإن أصابته نوبة من الدهر. وآخر أمره أن ركب طريق ألواح حتى خرج من الفيوم وطرق باب السلطان لائذا بالعفو، ووصل ولم يسبق به خبر ولم يعلم السلطان به حتى استأذن المستأذن له عليه وهو في جملة الوقوف بالباب، فأكرم أتم الكرامة، وشرف بأجل التشاريف وأقام مدة في قرى الإحسان وإحسان القرى، وأهله لا يعلمون بما جرى، ولا يعرفون اين يمم ولا أي جهة نحا، حتى أتتهم وافدات البشائر، وجاءتهم منه ليتحققوا صحة خبره الأمائر، وقال له السلطان: لأي شيء ما أعلمت أهلك بقصدك إلينا؟ فقال: خفت أن يقولوا: يفتك بك السلطان، فاتثبط. فاستحسن قوله، وأفاض عليه طوله. ثم أعيد إلى أهله، فانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء، ولا رثى له صاحب، ولا شمت به عدو.