تتجلى في الفقه الإسلامي مميزات وخصائص، ينفرد بها عما دونه من التقنينات الوضعية، ومن أهم هذه الخصائص ما يلي:
أولاً: أنه تشريع إلهي يقوم أساساً على الوحي، الكتاب والسنة، وكل ما قاله الفقهاء يرجع إليهما، وليس للفقيه ولا للمجتهد أن يخالفا عنهما، وفي هذا يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في رسالته: (ليس لأحد بلغته سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعها لقول أحد) .
ويقول الله تعالى في وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء:83) . وأولو الأمر هنا هم العلماء الفقهاء المجتهدون في الأحكام.
ثانياً: أن الفقه الإسلامي تشريع عام شامل، بمعنى أنه ينظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بأخيه الإنسان، الذي يوافقه في الدين أو يخالفه فيه، فالإنسان محفوف بعناية ربه، موجه إلى الحق والطريق المستقيم خاضع للتنظيم الإلهي في سائر أحواله، الدينية والدنيوية، وفي كل زمان ومكان.
ثالثاً: تخضع أحكام الفقه الإسلامي لرقابة داخلية يفجرها الإيمان في ضمير المسلم وفي نفسه. وهذا ضمان مؤيد لسلامة الأحكام الشرعية وانتظامها في التطبيق، ويغني عن كثير من الرقابات والتقنينات التي تغص بها الأنظمة المادية، فالمسلم يعتقد أن الله تعالى معه في كل حال، مطلع على سير أعماله وخوالج نواياه، ومقاصده من تحركاته كلها، وأنه تعالى سيحاسبه على كل ذلك.
وقد فصلت بعض الأحكام في الفقه الإسلامي، بين حكم القضاء وحكم الديانة:
فالمرأة مثلاً يجب عليها أن تقوم بشأن البيت، وتعهد الأسرة، ديانة لا قضاء، بمعنى أن الحاكم لا يجبرها على ذلك، لكنها تأثم بتركه بينها وبين الله تعالى.
وإذا قضى القاضي بالبينة التي بين يديه، وكانت في الواقع زوراً، لا يحل قضاؤه الحرام ولا يحرم الحلال.
رابعاً: إن روح الفقه الإسلامي تتمثل في تحقيق العدالة والمساواة بين الناس، فالأحكام الشرعية يخاطب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر المسلمين، إلا ما كان منها من خصائصه صلى الله عليه وسلم - ويستوي فيها الحاكم والمحكوم.
خامساً: إن الفقه الإسلامي يمثل الفكر الإسلامي الأصيل، والروح الإسلامية الأصيلة، فقد ابتنى على الكتاب والسنة، وعلى غيرهما مما أقامه الشارع نفسه دليلاً يُهتدى به في التشريع، حينما لا يوجد نص فيهما.
(من كتاب: التعريف بالفقه الإسلامي، د. محمد فوزي فيض الله)