هذه ثلاثة أنواع من التوحيد تدخل في معنى الإيمان بالله عز وجل.
النوع الأول: توحيد الربوبية:
وهو الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ولا رب غيره. والإقرار بأن الله عز وجل هو المتصرف في الكون، بالخلق والتدبير، والرزق والتغيير، والإحياء والإماتة، وغير ذلك لا يشاركه أحد في فعله سبحانه، قال تعالى:
(قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) (الأحقاف:4) .
وقد يقر بهذا التوحيد المشركون، ولكنه لا يقبل منهم حتى يأتوا ببقية أنواع التوحيد.
النوع الثاني: توحيد الألوهية:
وهو الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه هو الإله الحق لا إله غيره، وإفراده سبحانه بالعبادة.
ويستلزم توحيد الله في ألوهيته أن نتوجه إليه وحده بجميع أنواع العبادة وأشكالها فيجب على المسلم:
- وجوب إخلاص المحبة لله، فلا يتخذ ندا لله، يحبه كما يحب الله، أو يقدمه في المحبة على الله، قال تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله) (البقرة:165) .
- وجوب إفراد الله تعالى في الدعاء والتوكل والرجاء، فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه، قال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) (يونس:106) .
وعلى ذلك، فإن من الشرك التوجه بالدعاء للأنبياء أو الأولياء وغيرهم أو صرف أي عبادة لا تصرف إلا لله لهم.
- وجوب إفراد الله بالخوف منه: والمقصود من ذلك خوف العبادة لا الخوف الفطري -من حيوان مفترس أو ما أشبه ذلك- قال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو) (يونس:107) .
- وجوب إفراد الله سبحانه بجميع أنواع العبادات البدنية، من صلاة وركوع وسجود وصوم وذبح وطواف، قال تعالى: (فاسجدوا لله واعبدوا) (النجم:62) .
- وجوب إفراد الله بالعبادات القولية، من نذر واستغفار وتسبيح وتحميد وغير ذلك، قال تعالى: (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) (الحجر:98، 99) .
ما حكم من صرف شيئا من هذه العبادات لغير الله؟
من صرف شيئا من هذه العبادات لغير الله فقد أشرك، قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) (النساء:48) .
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات:
ومعناه: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متصف بجميع صفات الكمال، ومنزه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات.
كيف السبيل إلى معرفة ما ينسب إلى الله من صفات الكمال؟
سبيل ذلك إثبات ما أثبته الله سبحانه لنفسه في القرآن، وما وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك دون أن نحرف في ألفاظها أو معانيها، كما كان يفعل المشركون فيسمون عبد العزى من العزيز، واللات من الله، ومناة من المنان.
كما لا يجوز أن نعطلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عز وجل، كبعض الفرق التي تجحد بعض أسماء الله وصفاته.
ولا يجوز كذلك التشبيه: كتشبيه صفات الخالق بصفات المخلوق، وذلك كتشبيه النصارى المسيح ابن مريم بالله، وتشبيه اليهود عزير بالله، وتشبيه المشركين أصنامهم بالله، وتشبيه بعض الطوائف وجه الله وسمعه ونحو ذلك بالمخلوقين.