قَالَ النورى نعت الْفَقِير السّكُون عِنْد الْعَدَم والبذل والإيثار عِنْد الْوُجُود
وَقَالَ بعض الكبراء الْفَقِير هُوَ المحروم من الإرفاق والمحروم من السُّؤَال لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَو أقسم على الله لَأَبَره فَدلَّ أَنه لَا يقسم قَالَ الدراج فتشت كنف أستاذى أُرِيد مكحلة فَوجدت فِيهِ قِطْعَة (فضَّة) فتحيرت فَلَمَّا جَاءَ قلت لَهُ إنى وجدت فى كنفك قِطْعَة
قَالَ قد رَأَيْتهَا ردهَا ثمَّ قَالَ خُذْهَا واشتر بهَا شَيْئا
فَقلت لَهُ مَا كَانَ أَمر هَذِه الْقطعَة بِحَق معبودك
قَالَ مَا رزقنى الله من الدُّنْيَا صفراء وَلَا بَيْضَاء غَيرهَا فَأَرَدْت أَن أوصى أَن تشد فى كفنى فأردها إِلَى الله عز وَجل
سَمِعت أَبَا الْقَاسِم البغدادى يَقُول سَمِعت الدورى يَقُول كُنَّا لَيْلَة الْعِيد مَعَ أَبى الْحسن النورى فى مَسْجِد الشونيزى فَدخل علينا إنْسَانا فَقَالَ للنورى أَيهَا الشَّيْخ غَدا الْعِيد مَاذَا أَنْت لابسه فَأَنْشَأَ يَقُول ... قَالُوا غَدا الْعِيد مَاذَا أَنْت لابسه ... فَقلت خلعة سَاق عَبده جرعا ... فقر وصبر هما ثوباى تحتهما ... قلب يرى ربه الأعياد والجمعا ... أَحْرَى الملابس أَن تلقى الحبيب بهَا ... يَوْم التزاور فى الثَّوْب الذى خلعا ... الدَّهْر لى مأتم إِن غبت يَا أمْلى ... والعيد مادمت لى مرأى ومستمعا ...
سُئِلَ بعض الكبراء مَا الذى منع الْأَغْنِيَاء عَن الْعود بِفُضُول مَا عِنْدهم على هَذِه الطَّائِفَة
فَقَالَ ثَلَاثَة أَشْيَاء أَحدهَا أَن الذى فى أَيْديهم غير طيب وَهَؤُلَاء خَالِصَة الله وَمَا اصْطنع إِلَى أهل الله فمقبول وَلَا يقبل الله تَعَالَى إِلَّا الطّيب
والثانى أَنهم مستحقون فَيحرم الْآخرُونَ بركَة الْعود عَلَيْهِم وَالثَّوَاب فيهم