وَمن تدبر كَلَامهم وتفحص كتبهمْ علم صِحَة مَا حكيناه وَلَوْلَا أَنا كرهنا الإطالة لَكنا نذْكر مَكَان ماحكيناه من كَلَامهم فِي كتبهمْ نصا وَدلَالَة إِذْ لَيْسَ كل ذَلِك مرسوما فِي الْكتب على التَّصْرِيح
وَكتاب التعرف لَيْسَ كتابا من كتب الطَّبَقَات وَلَيْسَ موسوعة تحمع اشتاتا من المعارف لَا ترابط بَينهَا إِنَّه مَادَّة الْعلم الصُّوفِي وجوهره مَعَ الدَّلِيل والتحليل والبرهان الَّذِي لَا يرقى اله شكّ وَلَا يشوبه غموض
فَإِذا تحدث الكلاباذي عَن المقامات مثلا رَاح فِي علم وذوق يحللها ويجليها ويكشف عَن أسرارها ومعانيها وَيقدم لَهَا الدَّلِيل تلو الدَّلِيل من الْكتاب وَالسّنة والمنطق الإسلامي
يَقُول الكلاباذي فِي حَدِيثه عَن المقامات ثمَّ لكل مقَام بَدْء وَنِهَايَة وَبَينهمَا أَحْوَال متفاوته وَلكُل مقَام علم وَإِلَى كل حَال إِشَارَة وَمَعَ كل مقَام إِثْبَات وَنفي وَلَيْسَ كل مَا نفي فِي مقَام كَانَ منفيا فِيمَا قبله وَلَا كل مَا أثبت فِيهِ كَانَ مثبتا فِيمَا دونه
وَهُوَ كَمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ
لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ
فنفي إِيمَان الْأَمَانَة لَا إِيمَان العقد والمخاطبون أدركوا ذَلِك إِذْ كَانُوا قد حلوا مقَام الْأَمَانَة أَو جاوزوه إِلَى مَا فَوْقه وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام مشرفا على أَحْوَالهم فَصرحَ لَهُم
فَأَما من لم يشرف على أَحْوَال السامعين وَعبر عَن مقَام فنفى فِيهِ واثبت جَازَ ان يكون فِي السامعين من لم يصل ذَلِك الْمقَام وَكَانَ الَّذِي نَفَاهُ الْقَائِل مثبتا فِيهِ فِي