إِنَّمَا كَانَ ذَلِك مِنْهُم خوفًا من جَرَيَان المخالفات عَلَيْهِم إجلالا لله تَعَالَى وتعظيما لقدره ووهبية لَهُ وحياء مِنْهُ بِأَنَّهُم أجلوا الْحق أَن يخالفون وَإِن لم يعاقبهم
كَمَا قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ نعم الْمَرْء صُهَيْب لولم يخف الله لم يَعْصِهِ
يَعْنِي أَن صهيبا لَيْسَ يتْرك الْمعْصِيَة لله خوف عُقُوبَته وَلكنه يَتْرُكهَا إجلالا لَهُ وتعظيما لقدره وحياء مِنْهُ
فخوف المبشرين لم يكن خوفًا من التَّغْيِير والتبديل لِأَن خوف التَّغْيِير والتبديل مَعَ شَهَادَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوجب شكا فِي أَخْبَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا كفر وَلم يكن ذَلِك خوف عقوبه فِي النَّار دون الخلود فِيهَا لعلمهم بِأَنَّهُم لَا يعاقبون بالنَّار على مَا يكون مِنْهُم لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون صغائر فَتكون مغفورة باجتناب الْكَبَائِر أَو بِمَا يصيبهم من الْبلوى فِي الدُّنْيَا
قَالَ عبد الله بن عمر فِيمَا روى عَن أبي بكر الصّديق قَالَ كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزلت هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أقرئك آيَة أنزلت على
قلت بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ فأقرأنيها
فَلَا أعلم مَا أصابني إِلَّا أَنِّي وجدت انقصاما فِي ظَهْري فتمطيت لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَأْنك يَا أَبَا بكر
فَقلت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي وأينا لم يعْمل سوءا وَإِنَّا لمجزون بِمَا عَملنَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنْت يَا أَبَا بكر والمؤمنون فتجزون