جالت حول الْعَرْش فكسيت الْأَنْوَار وَرفع مِنْهَا الأقذار واتصلت بالجبار فأفنى حظوظها وَأسْقط مرادها وَجعلهَا متصرفة بِهِ لَهُ
قَالَ أَبُو يزِيد لَو بدا لِلْخلقِ من النَّبِي ذرة لم يقم لَهَا مادون الْعَرْش
وَقَالَ مَا مثل معرفَة الْخلق وعلمهم بِالنَّبِيِّ إِلَّا مثل نداوة تخرج من رَأس الزف المربوط
قَالَ بَعضهم لم ينل أحد من الْأَنْبِيَاء الْكَمَال فِي التَّسْلِيم والتفويض غير الحبيب والخليل صلى الله عَلَيْهِمَا فَلذَلِك أيس الكبراء عَن الْكَمَال وَإِن كَانُوا فِي حَال الْقرْبَة مَعَ تَحْقِيق الْمُشَاهدَة
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس بن عَطاء أدنى منَازِل الْمُرْسلين أَعلَى مَرَاتِب النَّبِيين وَأدنى منَازِل الْأَنْبِيَاء أَعلَى مَرَاتِب الصديقين وَأدنى منَازِل الصديقين أَعلَى مَرَاتِب الشُّهَدَاء وَأدنى منَازِل الشُّهَدَاء أَعلَى مَرَاتِب الصَّالِحين وَأدنى منَازِل الصَّالِحين أَعلَى مَرَاتِب الْمُؤمنِينَ
الْبَاب الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
قَالَ الْجُنَيْد والنوري وَغَيرهمَا من الْكِبَار إِن مَا جرى على الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا جرى على ظواهرهم وأسرارهم مستوفاة بمشاهدات الْحق
وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بقوله تَعَالَى {فنسي وَلم نجد لَهُ عزما}
وَقَالُوا وَلَا تصح الْأَعْمَال حَتَّى يتقدمها الْعُقُود والنيات وَمَا لَا عقد فِيهِ وَلَا نِيَّة فَلَيْسَ بِفعل وَقد نفى الله تَعَالَى الْفِعْل عَن آدم بقوله {فنسي وَلم نجد لَهُ عزما}