وجوزوا غفران الْكَبَائِر بِالْمَشِيئَةِ والشفاعة
وأوجبوا الْخُرُوج من النَّار لأهل الصَّلَاة لَا محَالة بإيمَانهمْ قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فَجعل الْمَشِيئَة شرطا فِيمَا دون الشّرك وَجُمْلَة قَوْلهم إِن الْمُؤمن بَين الْخَوْف والرجاء يَرْجُو فضل الله فِي غفران الْكَبَائِر وَيخَاف عدله فِي الْعقُوبَة على الصَّغَائِر لِأَن الْمَغْفِرَة مَضْمُون الْمَشِيئَة وَلم يَأْتِ مَعَ الْمَشِيئَة شَرط كَبِيرَة وَلَا صَغِيرَة
وَمن شدد وَغلظ فِي شَرَائِط التَّوْبَة وارتكاب الصَّغَائِر فَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُم على إِيجَاب الْوَعيد بل ذَلِك على تَعْظِيم الذَّنب فِي وجوب حق الله فِي الِانْتِهَاء عَمَّا نهى عَنهُ وَلم يجْعَلُوا فِي الذُّنُوب صَغِيرَة إِلَّا عِنْد نِسْبَة بَعْضهَا الى بعض فطالبوا النُّفُوس بإيفاء حق الله تَعَالَى والانتهاء عَمَّا نهى الله عَنهُ وَالْوَفَاء بِمَا أَمر بِهِ الله ورؤية التَّقْصِير فِي شَرَائِط الْعَمَل
وهم مَعَ ذَلِك كُله ارجى النَّاس للنَّاس وأشدهم خوفًا على أنفسهم حَتَّى كَانَ الْوَعيد لم يرد إِلَّا فيهم والوعد لم يكن إِلَّا لغَيرهم
قيل للفضيل عَشِيَّة عَرَفَة كَيفَ ترى حَال النَّاس
قَالَ مغفورون لَوْلَا مَكَاني فيهم
وَقَالَ السرى السَّقطِي إِنِّي لأنظر فِي الْمرْآة كل يَوْم مرار مَخَافَة أَن يكون قد اسود وَجْهي
وَقَالَ لَا أحب أَن أَمُوت حَيْثُ أعرف مَخَافَة أَن لَا تقبلني الأَرْض فَأَكُون فضيحة