وَقَالَ بَعضهم رَآهُ بِقَلْبِه وَلم يره ببصره وَاسْتدلَّ بقوله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى}
وَلَا نعلم أحدا من مَشَايِخ هَذِه الْعصبَة المعروفين مِنْهُم والمتحققين بِهِ وَلم نر فِي كتبهمْ وَلَا مصنفاتهم وَلَا رسائلهم وَلَا فِي الحكايات الصَّحِيحَة عَنْهُم وَلَا سمعنَا مِمَّن أدركنا مِنْهُم زعم أَن الله تَعَالَى يرى فِي الدُّنْيَا أَو رَآهُ أحد من الْخلق إِلَّا طَائِفَة لم يعرفوا بأعيانهم
بل زعم بعض النَّاس أَن قوما من الصُّوفِيَّة ادعوها لأَنْفُسِهِمْ وَقد أطبق الْمَشَايِخ كلهم على تضليل من قَالَ ذَلِك وَتَكْذيب من ادَّعَاهُ وصنفوا فِي ذَلِك كتبا مِنْهُم أَبُو سعيد الخراز وللجنيد فِي تَكْذِيب من ادَّعَاهُ وتضليله رسائل وَكَلَام كثير
وَزَعَمُوا أَن من ادّعى ذَلِك فَلم يعرف الله عز وَجل وَهَذِه كتبهمْ تشهد على ذَلِك
الْبَاب الثَّالِث عشر
أَجمعُوا أَن الله تَعَالَى خَالق لأفعال الْعباد كلهَا كَمَا أَنه خَالق لأعيانهم وَأَن كل مَا يَفْعَلُونَهُ من خير وَشر فبقضاء الله وَقدره وإرادته ومشيئته وَلَوْلَا ذَلِك لم يَكُونُوا عبيدا وَلَا مربوبين وَلَا مخلوقين وَقَالَ جلّ وَعز {قل الله خَالق كل شَيْء} وَقَالَ {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر}