كل حركاته فِي موافقه الْحق دون مخالفاته فَيكون فانيا عَن المخالفات بَاقِيا فِي الموافقات
إِنَّه إِذن استبدال خلق بشري بِخلق رباني وَذَلِكَ ارْتِفَاع بالبشرية لَا نعرفه وَلَا تعرفه الدُّنْيَا لغير الصُّوفِيَّة الإسلامية 2
فالفناء الصُّوفِي لَيْسَ فنَاء جَسَد فِي جَسَد وَلَا فنَاء روح فِي روح إِنَّه فنَاء إِرَادَة فِي إِرَادَة وفناء أَخْلَاق فِي اخلاق وصفات فِي صفيات أَو كَمَا يَقُول الصُّوفِيَّة فانيا عَن أَوْصَافه بَاقِيا بأوصاف الْحق
إِنَّه لتصعيد للكمال تصعيد تخفق أجنحته فِي أفق قدسي علوى ثمَّ تخفق صاعدة صاعدة حَتَّى تنَال شرف التخلق بأخلاق الصِّفَات الإلهية
وَهَذَا الفناء هُوَ الَّذِي عبر عَنهُ الحَدِيث النبوى تخلقوا بأخلاق الله وصوره الحَدِيث الْقُدسِي
كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ
وَبِهَذَا الفناء يحس الصُّوفِي إحساس ذوق ووجدان وقلب وروح بِإِذن الله سُبْحَانَهُ مَعَه وَفِي ضَمِيره وحركاته وكلماته
يَقُول الْعَلامَة الكلاباذي وَمن فنَاء الحظوظ حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود قَالَ مَا علمت أَن فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَكَانَ عبد الله فِي هَذَا الْمقَام فانيا عَن إِرَادَة الدُّنْيَا
لقد فنى الصوفيه فِي حب مَوْلَاهُم وتخلقوا باخلاقه وتأدبوا بآدابه وتربوا فِي محاربيه وعاشوا فِي ذكره ومناجاته فعلمهم وطهرهم وزكاهم واصطفاهم واجتباهم وأحبهم ورضى عَنْهُم فَفتح لقُلُوبِهِمْ ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض يُرِيهم عجائب كَونه وبدائع قدرته وبدائع قدرته