وكما قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك} رأى السامرى مَعْدُوم الصّفة فِي شُهُود الْحق وأنشدونا للنورى ... تسترت عَن دهرى بستر همومه
محيرة فِي قدر من جلّ عَن قدرى
فَلَا الدَّهْر يدرى أننى عَنهُ غَائِب
وَلَا أَنا أَدْرِي بالخطوب إِذا تجرى
إِذا كَانَ كلى قَائِما بوفائه
فلست أُبَالِي مَا حييت يَد الدَّهْر ...
الْبَاب السَّابِع وَالْخَمْسُونَ
قَوْلهم فِي الْجمع والتفرقة
أول الْجمع جمع الهمة وَهُوَ أَن تكون الهموم كلهَا هما وَاحِدًا
وَفِي الحَدِيث من جعل الهموم هما وَاحِدًا هم الْمعَاد كَفاهُ الله سَائِر همومه وَمن تشعبت بِهِ الهموم لم يبال الله فِي أَي أَوديتهَا هلك
وَهَذِه حَال المجاهدة والرياضة
وَالْجمع الَّذِي يعنيه أَهله هُوَ أَن يصير ذَلِك حَالا لَهُ وَهُوَ أَن لَا تتفرق همومه فيجمعها تكلّف العَبْد بل تَجْتَمِع الهموم فَتَصِير بِشُهُود الْجَامِع لَهَا هما وَاحِدًا وَيحصل الْجمع إِذْ كَانَ بِاللَّه وَحده دون غَيره
والتفرقة الَّتِى هِيَ عقيب الْجمع هُوَ أَن يفرق بَين العَبْد وَبَين همومه فِي حظوظه وَبَين طلب مرافقه وملاذه فَيكون مفرقا بَينه وَبَين نَفسه فَلَا تكون حركاته لَهَا وَقد يكون الْمَجْمُوع نَاظرا إِلَى حظوظه فِي بعض الاحوال غير أَنه مَمْنُوع مِنْهَا قد حيل بَينه وَبَينهَا لَا يَتَأَتَّى لَهُ مِنْهَا شَيْء وَهُوَ غير كَارِه لذَلِك بل مُرِيد لَهُ لعلمه بِأَنَّهُ فعل الْحق بِهِ واختصاصه لَهُ وجذبه إِيَّاه مِمَّا دونه
سُئِلَ بعض الْكِبَار عَن الْجمع مَا هُوَ