ومن صور البر التي تهدف إلى كسب القلوب واستلال الشحناء؛ الهدية، وقد أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مخالفيه في الدين، من ذلك ما رواه ابن زنجويه أن رسول الله أهدى إلى أبي سفيان تمر عجوة، وهو بمكة، وكتب إليه يستهديه أدماً، فأهدى إليه أبو سفيان (?).

وقبِل - صلى الله عليه وسلم - في خيبر هدية زينب بنت الحارث اليهودية، لكنها هدية غدر لا مودة، فقد أهدت له شاة مشوية دست له فيها السم (?).

وفي مرة أخرى دعا يهودي النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وإهالة سنخة، فأجابه - صلى الله عليه وسلم - (?).

كما قبِل النبي - صلى الله عليه وسلم - هدايا الملوك إليه، فقِبل هدية المقوقس، وهدية ملك أيلة أكيدر، وهدية كسرى (?).

قال ابن قدامة: "ويجوز قبول هدية الكفار من أهل الحرب لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل هدية المقوقس صاحب مصر" (?).

وأهدى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حُلّةً ثمينة، فأهداها عمر - رضي الله عنه - أخيه بمكة كان يومئذ مشركاً (?).

قال النووي: " وفي هذا دليل لجواز صلة الأقارب الكفار , والإحسان إليهم, وجواز الهدية إلى الكفار" (?).

ويروي البخاري في الأدب المفرد عن مجاهد أنه سمع عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - يقول لغلام له يسلخ شاة: يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي. فقال رجل من القوم: اليهودي أصلحك الله!؟ فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي بالجار، حتى خشينا أنه سيورثه (?).

وحين تحدث الفقهاء عن حقوق الضيف رأوا وجوبها لكل ضيف، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، قال أبو يعلى: "وتجب الضيافة على المسلمين للمسلمين والكفار لعموم الخبر، وقد نص عليه أحمد في رواية حنبل، وقد سأله إن أضاف الرجل ضيفان من أهل الكفر؟ فقال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم»، دل على أن المسلم والمشرك مضاف .. يعم المسلم والكافر" (?).

ومن حق الضيافة إكرام الضيف على قدر الاستطاعة، وقد صنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015