هَذَا الصوت يا ستنا؟ قَالَتْ: لسيدي مخارق؛ ثُمَّ غنت الثالث, فطربوا وشربوا, وَهِيَ تلاحظني وتشك فِي, فَقَالُوا: لمن هَذَا يا ستنا؟ فَقَالَتْ: لسيدي مخارق.

قَالَ: فلم أصبر, فَقُلْتُ لَهَا: يا جارية! شدي يدك؛ فشدت أوتارها , وخرجت عَن إيقاعها الَّذِي تقول عليه, فدعوت بداوة, وقضيت, فغنيت الصوت الَّذِي غنته أولًا, فقاموا فقبلوا رأسي.

قَالَ أَبِي: وَكَانَ أَحْسَن النَّاس صوتًا, وَكَانَ يوقع بالقضيب.

ثُمَّ غنيت الثَّانِي والثالث, فجنوا, فكادت عقولهم تذهب, فَقَالُوا: من أَنْتَ يا سيدنا؟ قُلْت: أنا مخارق؛ قَالُوا: فَمَا سبب مجيئك؟ فَقُلْتُ: طفيلي أصلحكم اللَّه؛ وخبرتهم خبري, فَقَالَ صاحب الْبَيْت لصديقيه: قَدْ تعلمان أني قَدْ أعطيت بِهَا ثلاثين ألف درهم, فأبيت أَن أبيعها, وأردت الزيادة, وَقَدْ نقصت من ثمنها عشرة آلاف درهم؛ قَالَ صديقاه: عَلَيْنَا عشرون ألف درهم؛ وملكوني الجارية.

وقعد الْمُعْتَصِم, فطلبني فِي منازل أبناء القواد, فلم أصب, وتغيظ عَلِي, وقعدت عندهم إِلَى العصر, وخرجت بِهَا, فكلما مررت بموضع شتمتني فِيهِ, قُلْت لَهَا: يا مولاتي! أعيدي شتمك عليّ؛ فتأبى, فأحلف لتعيدنه, وأخذت بيدها حَتَّى جئت بِهَا إِلَى بَاب أمِير الْمُؤْمِنيِنَ, فدخلت ويدي فِي يدها, فلما رآني الْمُعْتَصِم سبني وشتمني, فَقُلْتُ: يا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ! لا تعجل عَلِي؛ وحدثته, فضحك, وَقَالَ لي: نكافيهم عَنْك يا مخارق؛ فأمر لكل رجل مِنْهُم بثلاثين ألف درهم, وأمر لي بعشرة آلاف درهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015