حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو القاسم عَلِي بْن المحسن بْن عَلِي التنوخي, قَالَ: كَانَ فِي نقباء الأمير بختيار المعروف بعز الدولة, رجل يسمى عليكا, وَكَانَ كثير التطفيل عَلَى جَمِيع أهل العسكر من الحجاب والقواد والكتاب ووجوه الخاصة والغلمان, وشاع ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ بختيار, فرسم لَهُ أَن يستخلف عَلَى التطفيل خليفة, وتقدم إِلَى أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن هلال الصابي الكاتب أَن يكتب بِذَلِكَ عهدًا لابن عرس الموصلي عَن عليكا, وأن يجعله خليفة عَلَى التطفيل, فكتب لَهُ عَلَى طريق الهزل عهدًا قرأه أَبُو إِسْحَاق عَلَيْنَا, فكان نسخته: "هَذَا مَا عهد عَلِي بْن أَحْمَد المعروف بعليكا إِلَى عَلِي بْن عرس الموصلي حِينَ استخلفه عَلَى إحياء سنته, واستنابه فِي حفظ رسومه من التطفيل عَلَى أهل مدينة السَّلام, وَمَا يتحصل بِهَا من أكنافها, ويجري معها من سوادها وأطرافها؛ لما توسمه فِيهِ من قلة الحياء, وشدة اللقاء؛ وكثرة اللقم, وجودة الهضم, ورآه أهلا لَهُ من شدة مكانه فِي هذه الرفاهية المهملة الَّتِي فطن لَهَا, والرفاعية المطرحة الَّتِي اهتدى إِلَيْهَا؛ والنعم العائدة عَلَى لابسها بملاذ الطعوم, ومناعم الجسوم؛ متوردًا عَلَى من اتسعت مواد ماله, وتفرعت شعب حاله؛ وأقدره اللَّه عَلَى غرائب المأكولات, وأظفره ببدائع الطيبات؛ آخذًا من كُل ذَلِكَ بنصيب الشريك المناصف, وضاربًا فِيهِ بسهم الخليط المفاوض,