وإطباق العذاب عليهم وطحنهم وإهلاكهم إلا نتيجة من نتائج غضب اللَّه تعالى على الكفرة والمشركين.

والحرف (على) في علوّه يذهب في إثراء الصورة كل مذهب في هوْل القضاء والإخناء، ووَسْم أغفاله ورسْم أشكاله وزمّ شوارده، فهل من مُعتبر!.

* * *

(فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (11)

قَالَ تَعَالَى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (1).

قال السيوطي: أي به، أي بسببه. وذكر أبو حيان: يجوز أن تكون فيه للسببية (أي بمعنى الباء) يمثركم بسببه. وذكر الزمخشري: فهي أي في هذا التدبير بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل، فإن قلت: وهلا قلت: يذرؤكم به؟ قلت: جعل هذا التدبير كالمنبع والمعدن للبث والتكثير، ألا تراك تقول. للحيوان في خلق الأزواج تكثير، كما قَالَ تَعَالَى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ). ومثله الرازي.

وقال القرطبي: " يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ" أَيْ يَخْلُقُكُمْ وَيُنْشِئُكُمْ" فِيهِ" أَيْ فِي الرَّحِمِ.

وَقِيلَ: فِي الْبَطْنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَابْنُ كَيْسَانَ:" فِيهِ" بِمَعْنَى بِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى" يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ" يُكَثِّركُمْ بِهِ، أَيْ يُكَثِّركُمْ يَجْعَلُكُمْ أَزْوَاجًا، أَيْ حَلَائِلُ، لِأَنَّهُنَّ سَبَبُ النَّسْلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015