ذهب مصنفو كتب الأدوات العربية ومنها " رصف المباني " للمالقي و " الجنى الداني " للمرادي، و" مغني اللبيب " لابن هشام، و" مصابيح المغاني " للموزعي، ومعهم علماء الكوفة (?) وآخرون ممن سماهم ابن قيم الجوزية (?) بظاهرية النحاة إلى أن حرف الجر في هذه الظاهرة تضمَّن معنى حرف جر آخر، فالفعل إذاً باق ٍ على معناه المعهود، ولم تنتقل دلالته المعنوية إلى معنى فعل آخر، واختلاف المعنى محصور في الحرف، إذ اكتسب معنى حرف آخر يستحق هذه التعدية.

وممّن ينحو هذا المنحى في التفسير الإمام ابن قتيبة في كتابه " تأويل مشكل القرآن " (?) وقد عقد باباً بعنوان " دخول بعض حروف الصفات مكان بعض " (?)، ويستشهد على ذلك بقوله تعالى: ((ولأصلبنكم في جذوع النخل)) (?) فيرى أن حرف الجر " في " بمعنى " على "، والمعنى: على جذوع النخل، وبقوله تعالى: ((فاسأل به خبيراً)) (?) أي: عنه، وبقوله تعالى: ((وما ينطق عن الهوى)) (?) أي بالهوى، فحرف الجر " عن " بمعنى الباء.

أما ابن هشام في " مغني اللبيب " فقد عبّر عن هذا الباب بالمرادفة (?)، وأورد طائفة من الآيات على هذا المصطلح. ومن ذلك قوله تعالى: ((وهو الذي يقبل التوبة عن عباده)) (?) ويرى أن الحرف " عن " مرادف للحرف الآخر " من ". ويسير وَفق هذا الفهم ثلّة من أهل العلم الذين لا يتأمّلون في الفعل الذي سبق حرف الجر، ولا يرونه متجاوزاً دلالته المعنوية وإنما يرون حرف الجر قد تعاور حرفاً آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015