{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .
وتجد أسلوب القصر والتأكيد في قوله: "لا يحبه إلا لله" ليفيد قصر حب المرء على أن يكون لوجه الله وابتغاء مرضاته، فيلتزم فيه طاعته، ويكف عن معصيته، منزها عن المقاصد المادية والأغراض الدنيوية، قال يحيى بن معاذ رضي الله عنه: "لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء"، بل يقتصر حب المرء على أن يكون لله ولرسوله على سبيل التأكيد، فلا يتعداه إلى غير ذلك بحال، وكذلك وحي الكلمات في "أحَبَّ" بأفعل التفضيل. واختيار كلمة يُكْرَهُ ويُقْذَفُ، والظرفية بحرف الجر "في" وغيرها.
التصوير الفني: في بلاغة الأسلوب البياني المستمد من ألوان الخيال البديعة، تتخذ صورًا أدبية حية ومؤثرة في القلب والعقل والوجدان، وذلك في صورة "حلاوة الإيمان"، تقوم على الاستعارة بالكناية، حين شبِّه الإيمان بالحلاوة الحسية للعسل وغيره، بجامع ميل القلب وتمتعه باللذة والحب والرضا، معبرًا بالحلاوة كناية عن العسل والثمرة الطيبة من شجرة طيبة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} .
وعبر بحرف الجر "في" بدلًا من "إلى" في قوله: "يعود في الكفر ويقذف في النار"؛ لأن الشأن في الفعلين هنا "يعود" و"يُقْذََف" يتعديان بحرف الجر "إلى"، لا "بفي" الظرفية التي جاءت هنا على سبيل الاستعارة، للدلالة على الاستقرار في أعماق النار، حين يتمكن الظرف من المظروف؛ ليكون ذلك أعظم تنفيرًا منهما، وأشد ترهيبًا من عواقبهما الوخيمة.