وغيرها: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} ، {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} لذلك كان هذا الحديث من جوامع الكلم. قال الإمامان الشافعي وابن حنبل: هذا الحديث ثلث الإسلام، ينتظم أركانًا ثلاثة، عمل الجنان وهو القلب، وقول اللسان، وفعل الجوارح.

التصوير الأدبي في الحديث:

لمكانة النية من الأقوال والأفعال في تعبير بلاغي، يفوق بلاغة العرب، حتى صار هذا الحديث الشريف من جوامع الكلم، يجمع ثلث شريعة الإسلام في ألفاظ قليلة، ومن الصور البليغة قوله: "إنما الأعمال بالنيات" أسلوب قصر يقصر قبول الأقوال والأعمال والإثابة عنها ونفع صاحبها على النية وحدها؛ فهي أساس القبول وحده، فلا ينجو صاحبها إلا بها، كما يتضمن أسلوب القصر دعم الحكم بالحجة والدليل لتأكيده ونفي ما سواه، لأن المراد: لا تقبل الأعمال إلا بالنية، كما يتضمن أسلوب القصر هنا التعريض بكل من لا يعمل عملًا لغير وجه الله، فهو غير مقبول، ومن بينهم مهاجر أم قيس الذي هاجر إلى المدينة للزواج منها كما نص الحديث على ذلك فمن كانت هجرته إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.

ومن الصور الأدبية البليغة أيضًا قوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" فهو أسلوب قصر تضمن المعاني البليغة السابقة، إلا أنه زاد عليها بلاغة وقوة، جاءت من التكرار بصورة أخرى لتؤكد المعاني السابقة، وفي التكرار تأكيد وتقوية لما يهدف إليه الحديث الشريف، وفيه أيضًا ذلك التناسُق الموسيقي والإيقاعُ المتوازن في التصوير مما يثير الانتباه، ويوقظ الحسن والوجدان، ويحرك المشاعر، فتتفتح لقبوله منافذ الإدراك المختلفة في النفس، فتستقر فيها، وتزداد تصديقًا وإيمانًا بقيمها السامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015