والتوقعات، وهذا من المسلمات حتى عند أصحاب النظريات، فلسان حالهم يردِّد قول الله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: 51] .

ومنهج الإسلام في التربية والتوجيه يختلف حسب المراحل المتنوعة التي يمر بها الكبار، فله منهجه العميق في كل مرحلة: في مرحلة الشباب، ومرحلة النضج، ومرحلة الرجولة، ومرحلة الكهولة، ومرحلة الشيخوخة، ونحن الآن بصدد المرحلتين الأخيرتين لنقف على الضوابط التربوية الإسلامية في الكهولة والشيخوخة.

والكهل هو من بلغ الأربعين إلى الخمسين، وفي هذه المرحلة يبلغ الرجال الكمال في الدين والخلق، ويسمو إلى غاية النضج في العلم والمعرفة، فتكون منزلته في الحياة منزلة المعلم والمرشد والموجه، وهو صادق فيها كل الصدق، لأنها من واقع تجربته في الحياة، تنساب كلماته نافذة طاهرة قوية، وتنفجر عن خبرة ذاق حلاوتها ومرارتها.

وفي مطلع هذه المرحلة يصطفي الله الرسل مبشرين ومنذرين، حيث يكون الإنسان فيها أقدر على التأثير في غيره والتوجيه له، وهي مرحلة الثقة التي يأخذ عنها الغير في ثقة مبرأة من طيش الشباب، وأنانية الرجولة وحرصها، وحين اتهم قوم عاد هودًا -عليه السلام- بالسفه، ردَّ الله عليهم دعواهم الباطلة بأنه رسول من رب العالمين، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 66-67] ، ويمتن الله على عيسى بن مريم عليه السلام بأنه دعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015