ومن أخلاق الصيام: رقَّة القلوب وعطف النفوس وحنانها وامتلاؤها بالحب والإخاء والمودة والتعاون والمواساة والتكافل والمساواة والعدل والإيثار والتضحية، كل ذلك ينمو في النفس ويغرسه الصيام في الصائم حينما يشعر بالحرمان والجوع والعطش، وكل ذلك ميسر تحت يديه، قد حرمه عليه الصيام، عند ذلك يدرك ألم الفقير والمحتاج فلا يقسو عليه، وإنه لا يكون إنسانًا إلا بمشاركة أخيه الإنسان بهذه المعاني السامية، فالناس سواسية كأسنان المشط، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لأحد على آخر إلا بالتقوى؛ فينمي الصيام هذه الفضائل ويغرسها في نفس الصائم، فلا تجد في الأمة الإسلامية جائعًا ولا عاريًا، ولا مهضومًا ولا مغبوبًا، ولا حاقدًا ولا حاسدًا، ولا ضعيفًا ولا مكروهًا ولا منبوذًا ولا حقيرًا، ولا عاطلًا ولا معدومًا، ولا مظلومًا ولا مغصوبًا، فما خلق الله سبحانه إنسانًا على وجه الأرض إلا تكفَّل برزقه، لكنه قد يكون على يديه أو على يدي غيره، قال تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ، وقال أيضًا: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ، فهي أرزاق الفقراء تُرَدّ عليهم من الأغنياء، كل ذلك وأكثر من ذلك من أخلاق الصيام، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "وهو شهر المواساة وشهر يزاد فيه الرزق، من فطر صائمًا كان مغفرة لذنوبه وعتق من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره"، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائمًا على مِذْقَة لبن أو تمر أو شربة ماء، ومن سقى صائمًا سقاه الله -عز وجل- من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة" رواه ابن خزيمة والبيهقي، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصدقة: صدقة في رمضان"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015