"مغربًا" في الجهة المقابلة لها من الأرض عند عوالم الأمريكتين واستراليا تقريبًا، وحينما تشرق الشمس على الأمريكتين واستراليا تسمى هذه الجهة عندهم "مشرقًا"، وهي نفسها تسمى "مغربًا" في الجهة المقابلة لها من الأرض عند عوالم آسيا وإفريقيا وأوربا، لذلك فهم العرب هذه الآية على سبيل التغليب كالقمرين، ولم يستطيعوا تفسيرها على النحو العلمي الحديث، لأنهم كانوا يعتقدون بمشرق واحد ومغرب واحد، بل إن القرآن الكريم أعطى حقيقة علمية أخرى في قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج: 40] ، {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} [الصافات: 5] ، {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} [الأعراف: 137] ، على اعتبار تنوع الأقاليم والدول وما أكثرها في جهتي الأرض، فأصبحت لكثير من الدول مشارق في جهة من الأرض ولكثير من الدول في الجهة المقابلة من الأرض مغارب، بل إن لكل دولة مشارق ومغارب، لأن زمن الشروق والغروب وزواياهما تختلف في كل يوم من أيام السنة يتراوح ما بين دقيقة فأكثر، لذلك يصير للدولة الواحدة مشارق ومغارب تختلف حسب الأيام والفصول والسنوات، وهذا لا يتم إلا بسبب دوران الأرض حول محورها مرة كل يوم، وحول الشمس مرة كل عام، لأن دوران الأرض وكرويتها، تجعل لكل دولة مشارق ومغارب، ولا يتأتى ذلك إذا كانت الأرض مسطحة، فلو كانت مسطحة لا بد لها من مشرق واحد، ومغرب واحد.
وفي جميع الأحوال السابقة أعطى التصوير القرآني لكل جيل وعصر تفسيرًا علميًّا يتلقاه العقل بالقبول والإقناع والإيمان، ولا يتعارض