ويقول: (كلي مما أعطاك الله!). وكان يلقى من منبره العالي مواعظ على الجماهير التي تحضر لمشاهدته , وكثيراً ما هدى المتبربرين , وعالج المرضى , واشترك في السياسة الكنسية , وجعل المرابين يستحون فينقصون فوائد ما يقرضون من المال إلى ستة في المائة بدل اثني عشر. وكانت تقواه سبباً في إيجاد طريقة النسك فوق الأعمدة , وهي الطريقة التي دامت اثني عشر قرناً , ولا تزال باقية حتى اليوم بصورة دنيوية خالصة) (?).
ومثل ذلك ذكر هرلبت في كتابه (?).
ودي سي سيندرول (?).
وستر زي غواسكي (?).
وبروكوبيوس (?).
وونكل مين (?).
فجاء الإسلام فهذب هذه التعاليم ونقحها , وحذف منها الغلو والتطرف , ومنع الناس عن التشدد في الدين , وتعذيب النفس , وعرفهم الحنيفية السمحة البيضاء , النزيهة عن الانغماس في الدنيا والجري وراء ملذاتها وشهواتها , كما راعى جانب الطبيعة والفطرة , وأباح الطيبات من الرزق والحلال من المال , والتمتع بالجائز من الدنيا , فوضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم , وأمرهم بالقصد والاعتدال بين التجرد المحض والتزهد الصرف , وبين الإسراف المطلق والتقتير الفاحش , فقال جل وعلا في كتابه الذي أنزله على سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه:
{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ 31 قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي