وأنه قال: إن الخلق كله مخلوق , والصوفي غير مخلوق , لأنه معدوم و, أو أن الصوفي من عالم الأمر , لا من عالم الخلق) (?).

ونقل العطار أيضا عن الجنيد أنه قال:

(الصوفي هو الذي سلم قلبه كقلب إبراهيم من حب الدنيا , وصار بمنزلة الحامل لأوامر الله , وتسليمه تسليم إسماعيل , وحزنه حزن داوود , وفقره فقر عيسى , وصبره صبر أيوب , وشوقه شوق موسى وقت المناجاه , وإخلاصه إخلاص محمد) (?).

وقال الصوفي الهندي فريد الدين الملقب بكنج شكر: (إن التصوف أن لا يبقى في ملكك شيء , ولا يبقى وجودك في مكان.

وقال: إن أهل التصوف يقيمون صلواتهم على العرش يوميا.

وقال: إن الصوفي من لا يخفى على قلبه شيء) (?).

فهذه هي تعريفات التصوف والصوفية لدى أعلام الصوفية وأقطابهم أنفسهم , ونقلناهم من كتبهم , تضاربت فيها أراء القوم , وتعارضت فيها أقوالهم , لا جمع بينهما ولا وفاق رغم ما ادعاه بعض المتأخرين , وحاولوا التوفيق ولكن دونه خرط القتاد , لأن كل تعريف مستقل عن التعريف الآخر , وحتى التعريفات العديدة التي صدرت عن شخص واحد تباعد بعضها عن بعض كل البعد وهذا التباعد ظاهر جليّ لكل من نظر فيها وقرأها تأمل وتدبر , وتحقق وتعمق.

ويجدر الإشارة ههنا إلى أن تعريفات التصوف المتعددة التي ذكرناها واخترناها من تعريفات كثيرة جدا تنبئ صراحة عن حقيقة إدعاء علاقة التصوف بالإسلام , وكونه روحه وعصارته (?).

الأمر الذي سوف يفصل الكلام فيه , في الأبواب القادمة إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015