وشمل قول الله عز وجل في الآية القرآنية الأخرى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم لكونهم قدوة متبعون بعد الله ورسوله حيث قال:

{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} (?).

وما لم يكن كذلك فتركه واجب , والألتفاف إليه حرام , يقطع النظر عمن قاله وعمل به.

وبمثل ذلك قال الإمام أبو إسحاق الشاطبي في إعتصامه:

(والثاني: إن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان , لن الله تعالى قال فيها: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.

وفي حديث العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب , فقلنا: يا رسول الله , إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ قال: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها , ولا يزيغ عنها إلا هالك , ومن يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) الحديث.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة.

فإذا كان كذلك , فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله: إن الشريعة لم تتم , وأنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها , لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه , لم يبتدع ولا استدرك عليها. وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.

قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد صلى الله عليه وسلم خان الرسالة , لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فما لم يكن يومئذ دينا , فلا يكون اليوم دينا.

والثالث: إن المبتدع معاند للشرع ومشاقٌ له , لأن الشارع قد عين المطلب العبد طرقاً خاصة على وجوه خاصة , وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي والوعد والوعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015