أما الفناء في عرف أصحاب وحدة الوجود فربما كان أشد اتصالا بفكرة الفيدانتا وما يماثلها من الأفكار الهندية ... مثال ذلك أن أبا يزيد البسطامي كان من أهل خراسان , وكان جده زرادشتيا وشيخه في التصوف كرديا. ويقال: أنه أخذ عقيدة الفناء الصوفي عن أبي علي السندي الذي علّمه الطريقة الهندية التي يسمونها مراقبة الأنفاس , والتي وصفها هو بأنها عبادة العارف بالله.
وإنك لتلمح نزعة أبي يزيد إلى وحدة الوجود مائلة في الأقوال المعزوة إليه.
مثال ذلك ك
خرجت من الحق إلى الحق حتى صاحوا مني فيّ (يا من أنا أنت).
إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني: سبحاني ما أعظم شأني.
للخلق أحوال , ولا حال للعارف , لأنه محيت رسومه , وفنيت هويته بهوية غيره , وغيبت آثاره بآثار غيره) (?).
وقد كرر هذا القول في مواضع كثيرة مختلفة في مقالاته من التصوف والصوفية.
وكتب الدكتور أبو العلاء عفيفي البحاثة المصري الكبير معلقا على إحدى عباراته , ومصدقا كلامه , ما نصه:
(لا شك أن التصوف الإسلامي في ناحيته العلمية كان إلى حد ما على التصوف البوذي. يدل على ذلك ما ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان عن رهبان الزنادقة الذين كانوا يخرجون للسياحة أزواجا , ولا يقيمون في مكان واحد أكثر من ليلتين. وكانوا يأخذون أنفسهم بتطهير القلب والعفة والصدق والفقر. ويذكر الجاحظ قصة رجلين منهم دخلا مدينة الأهواز) (?).
ويقول جولد زيهر:
(إن نظرية الصوفيين في فناء الشخصية هي التي تقرب وحدها من فكرة الجوهر الذاتي (اتمان) , إذا لم تكن تتفق معها تماما , ويطلق الصوفيين على هذه الحالة لفظ الفناء أو المحور والاستهلاك) (?).
وقال أحد الكتّاب:
(أما زيهر فقد ذهب إلى أن الربط بين الفناء والنرفانا دعوى لا تحتاج إلى