ويلاحظ أن القوانين الوضعية لم تعرف قواعد العود إلا أخيراً, وأن المبادئ التي وضعتها للعود والاعتياد على الإجرام تعتبر من أحدث المبادئ في هذه القوانين.
526 - الشريعة والعود: وقد يدهش القارئ أن يعلم أن هذه المبادئ المستحدثة في القوانين الوضعية هي نفس المبادئ التي وضعتها الشريعة الإسلامية للعود ولمعتادي الإجرام من ثلاثة عشر قرناً, بل قد يدهشه أن يعلم أن القوانين الوضعية على حداثتها لم تطبق بعد المبادئ الشرعية على إطلاقها.
ومن المتفق عليه في الشريعة أن يعاقب المجرم بالعقوبة المقررة للجريمة, فإن عاد لها أمكن تشديد العقوبة, فإن اعتاد الإجرام استؤصل من الجماعة بقتله أو بكف شره عنها بتخليده في الحبس, واختيار إحدى العقوبتين متروك لولي الأمر بحسب ما يراه من ظروف الجريمة وأثرها على الجماعة.
ومن الأمثلة على ذلك اللواطة لغير المحصن فالفاعل والمفعول به يعاقب كلاهما بالعقوبة المقررة للجريمة, فإن اعتاد الجريمة ولم تردعه العقوبة قتل لشناعة جريمته ولما تؤدي إليه من التقاليد وإفساد الأخلاق والتخنث. والسارق إذا اعتاد السرقة يعاقب على الاعتياد بتخليده في الحبس حتى يموت أو تظهر توبته.
وقد أقرت الشريعة مبدأ العود على لإطلاقه, ولم يفرق الفقهاء بين العود العام والعود الخاص, كما أنهم لم يفرقوا بين العود الأبدي والعود المؤقت, ومن ثم يجوز أن يكون العود عاماً وخاصاً وأبدياً ومؤقتاً, والأمر في ذلك متروك لولي الأمر يضع من القواعد ما يراه محققاً للمصلحة العامة.
هذه هي قواعد العود في الشريعة, وتلك قواعد العود في القوانين الوضعية, ولا فرق بينهما إلا أن الشريعة لم تطبق منذ زمن طويل فجهل الناس كل شئ عنها, أما القوانين الوضعية فتطبق باستمرار ويعرفها أكثر الناس معرفة جيدة.
وقد يكفي الشريعة امتيازاً أن قواعدها التي وضعت منذ أكثر من ثلاثة عشر