تنفيذها زمناً طويلاً، فكان لا بد من ترتيب تنفيذها على هذا الوجه ما دامت عقوبة الأشغال الشاقة تجُب بمقدار مدتها كل عقوبة أخرى مقيدة للحرية محكوم بها عن جريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة، وما دام من المحتمل أن يصدر على المحكوم عليه حكم آخر بالأشغال الشاقة أثناء التنفيذ.

أما النظام المتبع في الشريعة الإسلامية في حالة تعدد العقوبات فهو مختلف، ولكل مذهب من المذاهب الفقهية رأيه في هذه المسألة.

فمالك يرى في حالة تعدد العقوبات أن يبدأ في التنفيذ بما هو لله؛ أي بما يمس حقوق الجماعة، ثم يقام بعد ذلك ما هو للناس؛ أي ما يمس حقوق الأفراد، وحجة مالك في هذا أن ما لله لا عفو فيه وما للآدميين قد يعفى عنه، فمن مصلحة المحكوم عليه تأخير ما يمس حقوق الأفراد.

ويستوي عند مالك بعد ذلك البدء بالعقوبة الخفيفة والبدء بالعقوبة الأشد، ويرى أن يترك لولي الأمر البدء بأيهما.

ويرى أبو حنيفة وأحمد تقديم ما يمس حقوق الأفراد على ما يمس حقوق الجماعة، على أن يبدأ فيما يمس حقوق الأفراد بالأخف فالأخف، ثم ينفذ بعد ذلك ما يمس حقوق الجماعة على أن يبدأ فيه ما يَجُب غيره.

ويرى الشافعي أن تنفذ العقوبات كلها بحسب خفتها، فيقدم الأخف على الخفيف، ويقدم ما يمس حقوق الآدميين على ما يمس حقوق الجماعة، وهكذا حتى تنفذ العقوبات كلها، لأنه لا يعترف بالجب.

ورأي فقهاء الشريعة في تقديم الأخف على الأشد رأي يخالف ما جاء به القانون المصري، ولكن يتفق مع طبيعة العقوبات الشرعية، فالعقوبات الأساسية في الشريعة هي القطع والجلد والقصاص، وهي عقوبات بدنية فاستيفاؤها يوجب البدء بأخفها حفظاً لسلامة المحكوم عليه واستبقاء لقوة احتماله ومقاومته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015