فالسجون إذن أداة لنشر الأمراض بين المسجونين, ولإفساد أخلاقهم وتضييع رجولتهم, ولا يقتصر شر السجون على هذا, بل إنها تؤدي إلى فساد الأخلاق في خارجها, لأن وضع الرجال في السجون معناه تعريض زوجات هؤلاء الرجال وبناتهم وأخواتهم إلى الحاجة وإلى الفتنة ووضعهن وجهاً لوجه أمام الشيطان.

7 - ازدياد الجرائم: وقد وضعت عقوبة الحبس على اختلاف أنواعها لمحاربة الجريمة, ولكن الإحصائيات التي لا تكذب تدل على أن الجرائم تزداد عاماً بعد عام زيادة تسترعي النظر وتبعث على التفكير الطويل, فقد كان عدد الجنايات في سنة 1906 لا يزيد على 3586 جناية فإذا به في 1912 يبلغ 4008 جناية, ثم يصل في سنة 1918 - 1919 إلى 6779 جناية, وفي سنة 1926 - 1927 يصل إلى 8012 جناية. وفي سنة 1938 - 1939 يصل إلى 9286 جناية. أما الجنح فكان عددها في سنة 1906 لا يزيد على 32810, وفي سنة 1912 أصبح 93743, وفي سنة 1926 - 1927 بلغ عددها 167677 جنحة, وفي سنة 1938 - 1939 بلغ عدد الجنح 382828. وهكذا في ظرف أثنين وثلاثين عاماً بلغ عدد الجنايات ثلاثة أمثال ما كان عليه, وبلغ عدد الجنح أكثر من أحد عشر مثلاً.

وقد يقال: إن عدد الجنح لا يمثل الزيادة الحقيقية؛ لأن الجنح المعاقب عليها يزيد عاماً بعد عام فتزداد تبعاً لذلك في مجموعها, وهو قول صحيح إلى حد ما, فلنترك العدد العام للجنح ولنأخذ جريمة السرقة مقياساً فهي أحرى أن تصل بنا إلى نسبة الزيادة الصحيحة, ففي سنة 1991 كان عدد جنح السرقة 9356, وفي سنة 1901 بلغ عدد الجنح 15993 جنحة, وفي سنة 1912 بلغ 23834 جنحة, وفي سنة 1916 بلغ 44110, وفي سنة 1926 بلغ 54326 جنحة, وفي سنة 1939 بلغ 65587 جنحة. ومعنى هذا أن عدد جنح السرقة زاد في ثمانية وأربعين عاماً سبعة أمثال ما كان عليه, وهي نسبة لا تبررها زيادة السكان ولا يقوم بها أي عذر مهما اختلفت المعازير, فالسكان لم يتضاعف عددهم مرة واحدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015