التي تليها, وجنايات العود هذه لا تقع إلا من المجرمين أرباب السوابق المتعددة.
4 - قتل الشعور المسئولية: وعقوبة الحبس غير أنها غير رادعة تؤدي إلى قتل الشعور بالمسئولية في نفس المجرمين وتحبب إليهم التعطل, فالكثير من المسجونين يقضون في السجن مدداً طويلة نوعاً ما ينعمون فيها بالتعطل من العمل ويكفون فيها مئونة أنفسهم من مطعم وملبس وعلاج, والمشاهد أن هؤلاء يكرهون أن يلقى بهم خارج السجن ليواجهوا حياة العمل والكد من جديد, وأنهم يموت فيهم كل شعور بالمسئولية نحو أسرهم بل نحو أنفسهم, فلا يكادون يخرجون من السجن حتى يعملوا للعودة إليه, ولا حباً في الجريمة ولا حرصاً عليها وإنما حباً في العودة إلى السجن وحرصاً على حياة البطالة.
5 - ازدياد سلطة المجرمين: ومن المجرمين من يغادر السجن ليعيش عالة على الجماعة, يستغل جريمته السابقة لإخافة الناس وإرهابهم وابتزاز أموالهم, ويعيش على هذا السلطان الموهوم وهذا المال المحرم دون أن يفكر في حياة العمل الشريف والكسب الحلال.
ولقد أصبح سلطان هؤلاء المجرمين على السكان الآمنين يزاحم سلطان الحكومات بل أصبح المجرمون في الواقع أصحاب الكلمة النافذة والأمر المطاع. ومن الوقائع التي أعرفها ويعرفها غيري أن رجال الإدارة يستعينون بالمجرمين أيام الانتخابات العامة ليوجهوا الناخبين المتمسكين بحزبيتهم وجهات معينة بعد أن يعجزوا هم عن هذا التوجيه.
وقد أدى هذا المركز الخطير الذي يحتله المجرمون إلى زيادة المجرمين الشبان الذين يتطلعون بدافع من طموحهم إلى نوال كل مركز ممتاز, كما أدى إلى قلب الموازين والأوضاع, فبعد أن كانت الجريمة عاراً وذلك في القديم أصبحت اليوم مدعاة للتباهي والتفاخر, وبعد أن كان المجرم يطرد ذليلاً مهاناً أصبح اليوم عزيز الجانب مسموع الكلمة نافذ السلطان.